وَالَّذِي ذكره بعض أكابرهم فِي الْجمع بَين حَدِيث عبد الله بن عَمْرو، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس فِي رد ابْنَته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أبي الْعَاصِ بِأَن قَالَ علم عبد الله بن عَمْرو بِتَحْرِيم الله - جلّ جَلَاله - رُجُوع الْمُؤْمِنَات إِلَى الْكفَّار، فَلم يكن ذَلِك عِنْده أَلا بِنِكَاح جَدِيد.
أما ابْن عَبَّاس فَلم يعلم بِتَحْرِيم الله الْمُؤْمِنَات إِلَى الْكفَّار حِين علم برد زَيْنَب على أبي الْعَاصِ، رضوَان الله عَلَيْهِمَا، فَقَالَ: ردهَا بِالنِّكَاحِ الأول؛ لِأَنَّهُ لم يكن عِنْده بَينهمَا فسخ نِكَاح، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِجمع صَحِيح، وَمَا هُوَ إِلَّا سوء ظن بالصحابة، رَضِي الله عَنْهُم، حَيْثُ نسبهم إِلَى أَنهم، يتجاوزون فِي رِوَايَة الحَدِيث على مَا وَقع لَهُم من غير سَماع.
ثمَّ يَقُول أما حَدِيث عبد الله بن عَمْرو فَلم يُثبتهُ الْحفاظ على مَا قدمنَا ذكره، وَلَو كَانَ ثَبت فالظن بِهِ رَضِي الله عَنهُ أَنه لَا يروي عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عقد نِكَاح لم يحضرهُ، وَلم يُثبتهُ بِشُهُود
من يَثِق بِهِ، وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لَا يَقُول ردهَا عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ الأول، وَلم يحدث شَيْئا لَا بعد إحاطة الْعلم بِهِ بِنَفسِهِ، أَو عَن من يَثِق بِهِ بكيفية الرَّد، وَكَيف يشْتَبه على مثله نزُول الْآيَة قبل رد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ابْنَته على أبي الْعَاصِ. وَإِن اشْتبهَ ذَلِك عَلَيْهِ فِي وَقت نُزُولهَا، أفيشتبه ذَلِك عَلَيْهِ حَيْثُ روى هَذَا الْخَبَر بعد وَفَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقد علم منَازِل الْقُرْآن وتأويله؟ هَذَا بعيد، لَا يجوز حمله عَلَيْهِ، وَالله أعلم.