وَالَّذِي يُوضح أَنَّهَا من الْجِزْيَة كَانَ يحمل عَلَيْهَا عمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُمَا لَا غير إِنْفَاذ عبد الْملك بن مَرْوَان مِنْهُ إِلَى أهل الْمَدِينَة ألف ألف دِرْهَم من الصَّدَقَة الْمَأْخُوذَة من الْيَمَامَة لما تَأَخّر عَنْهُم حَقهم من الْجِزْيَة، وامتناعهم عَن الْقبُول. وَقَالُوا: " أتطعمنا أوساخ النَّاس، وَمَا لَا يصلح لنا؟ وَكَانَ أَوَّلهمْ سعيد بن الْمسيب، وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن، وخارجة بن زيد، وَابْن عتبَة، وَقد ذَكرْنَاهُ بِتَمَامِهِ فِي كتاب الْمعرفَة.
وَفِيه بَيَان أَيْضا أَن مَا بَعثه معَاذ وَغَيره إِلَى الْمَدِينَة كَانَ من الْجِزْيَة، فَإِن استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله عَنهُ، أَنه كَانَ يُؤْتى بنعم من نعم الصَّدَقَة، فَهُوَ مَحْمُول على أَنه إِنَّمَا أُتِي بهَا من أَطْرَاف الْمَدِينَة، ولعلهم استغنوا، فنقلها إِلَى أقرب النَّاس بهم دَارا ونسبا، وَالله أعلم.
مَسْأَلَة (١٨٧) :
وللفقير أَن يَأْخُذ من الزَّكَاة مَا يقوم بكفايته على الدَّوَام، وَإِن زَاد على مِائَتي دِرْهَم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " الْغنى مِائَتَا دِرْهَم،