للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وثمت كتب اعتنت بِذكر الْمسَائِل الخلافية بَين الْعلمَاء مُقَارنَة بَين أَقْوَالهم وحججهم، فَكَانَت ثروة مباركة، وَمِنْهَا الإفصاح لِابْنِ هُبَيْرَة، وَالْمُغني لِابْنِ قدامَة، والخلافيات للبيهقي، أصل هَذَا الْمُخْتَصر، وَشرح الْمُهَذّب للنووي، والاستذكار لمذاهب فُقَهَاء الْأَمْصَار وعلماء الأقطار لِابْنِ عبد الْبر، ومجموع فتاوي ابْن تَيْمِية، وَغَيرهَا كثير.

لقد كَانَ الْعلمَاء السَّابِقُونَ - رَحِمهم الله تَعَالَى - يعْرفُونَ لأهل الْعلم فَضلهمْ، ويعذرونهم فِيمَا اخْتلفُوا فِيهِ، ويلتمسون الْقَوَاعِد الشَّرْعِيَّة للْأَحْكَام ودلالتها، وكل مِنْهُم يرجع إِلَى كتاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُوله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا يَقُولُونَ على الله - سُبْحَانَهُ - بِلَا علم، فَكَانَ مِنْهُم مُجْتَهد لَهُ مَأْخَذ شَرْعِي فِيمَا يَعْتَقِدهُ، وَلَا يحل لأحد أَن يتَصَدَّى للْفَتْوَى إِلَّا أَن يكون بَصيرًا بِخِلَاف الْعلمَاء، وَقد تحققت فِيهِ شُرُوط الْفَتْوَى، مِنْهَا الْأَمَانَة وَالتَّقوى وَالْعلم وَالْعَدَالَة. وَقد كَانَ السّلف يتدافعون الْفَتْوَى من شدَّة الْوَرع، رَحِمهم الله تَعَالَى رَحْمَة وَاسِعَة.

وَالْيَوْم تَجِد جمَاعَة من الْبشر لَا خلاق لَهُم يتعرضون لعلماء الْمُسلمين ودعاتهم بالذم ويسعرون نَار الْبغضَاء فِي قُلُوب الغافلين من الْمُسلمين لعلمائهم ودعاتهم؛ ليحققوا مآربهم الدُّنْيَوِيَّة فِي إِثْبَات أنفسهم، وإظهارهم بمظهر الْعلم، {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءَ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ... .} {فاطر: ٨} . فَهَؤُلَاءِ حسابهم عِنْد الله عسير؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} .

٣ - أَن هَذَا الْكتاب الْقيم يمثل حَقِيقَة هَامة، وَهِي أَن بضَاعَة

<<  <  ج: ص:  >  >>