للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَول الله تَعَالَى: {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله لَا يَسْتَطِيعُونَ ضربا} الْآيَة.

وَقَالَ الله عز وَجل: {أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر} الْآيَة.

وَوجه الدَّلِيل مِنْهُ أَن من حصر عَن الضَّرْب فِي الأَرْض لفقره أَشد حَالا مِمَّن لم تحبسه المسكنة عَن الضَّرْب فِي الْبَحْر، وَله أَيْضا ملك السَّفِينَة.

وَمن الْخَبَر حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَيْسَ الْمِسْكِين بِهَذَا الطّواف الَّذِي يطوف على النَّاس، فَتَردهُ اللُّقْمَة وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَة وَالتَّمْرَتَانِ، قَالُوا: فَمن الْمِسْكِين يَا رَسُول الله؟ قَالَ: الَّذِي لَا يجد غنى يُغْنِيه، وَلَا يفْطن لَهُ، فَيتَصَدَّق عَلَيْهِ، وَلَا يسْأَل النَّاس شَيْئا "، لفظ حَدِيث مُسلم، وَعند البُخَارِيّ " وَلَا يقوم فَيسْأَل النَّاس ".

وَالْمرَاد بِالْحَدِيثِ وَالله أعلم " لَيْسَ الْمِسْكِين بِهَذَا الطّواف " يَعْنِي: لَيْسَ هُوَ بِهَذَا الْفَقِير الَّذِي لَا شَيْء لَهُ، وَلَا يجد بدا من السُّؤَال حَتَّى يحصل لَهُ لقْمَة، أَو لقمتان، وَإِنَّمَا الْمِسْكِين الَّذِي لَا يجد مَا يُغْنِيه، يَعْنِي تَمام مَا يَكْفِيهِ وَله مِقْدَار مَا يتعفف بِهِ عَن السُّؤَال، فيكتفي بِهِ، وَلَا يسْأَل، وَلَا يفْطن لَهُ؛ فَيتَصَدَّق عَلَيْهِ بِمَا يَكْفِيهِ.

وَأما من يتعفف وَلَيْسَ لَهُ بعض الْكِفَايَة كَانَ قَاتل نَفسه، فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>