(وَعند مُسلم عَن عبد الله بن يزِيد عَن أَبِيه قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت: إِنِّي تَصَدَّقت على أُمِّي بِجَارِيَة وَإِنَّهَا مَاتَت، قَالَ: وَجب أجرك، وردهَا عَلَيْك الْمِيرَاث. قَالَت: يَا رَسُول الله، إِنَّه كَانَ عَلَيْهَا صَوْم شهر، أفأصوم عَنْهَا؟ قَالَ: صومي عَنْهَا) ، قَالَت: يَا رَسُول الله، إِنَّهَا لم تحج، أفأحج عَنْهَا؟ قَالَ: حجي عَنْهَا ". فَهَذَا الحَدِيث قد صَحَّ وَهُوَ صَرِيح فِي جَوَاز الصَّوْم عَن الْمَيِّت بعيد من التَّأْوِيل.
وَمذهب إمامنا الشَّافِعِي - رَحمَه الله - اتِّبَاع السّنة بعد ثُبُوتهَا، وَترك مَا يُخَالِفهَا بعد صِحَّتهَا. وَهَذِه الْأَخْبَار ثَابِتَة، وَلَا أعلم خلافًا بَين أهل الحَدِيث فِي صِحَّتهَا. فَوَجَبَ على من سَمعهَا اتباعها، وَلَا يَسعهُ خلَافهَا.
وَأما الحَدِيث الَّذِي رُوِيَ عَن مُحَمَّد عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا أَن فِيهِ الْكَفَّارَة، وَلم يذكر الصّيام، فَإِن رَفعه وهم، وَالصَّوَاب: عَن ابْن عمر مَوْقُوفا. وَمُحَمّد هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي ليلى، قَالَه ابْن عدي، وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث كثير الْوَهم، وَقد سبق من ذكره مَا يَكْفِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.