للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشجر إن خدم وقد لا يثمر، وقد يؤكل عنباً وقد يعصر، وقد يسرق وقد يزبب وأمثال ذلك» (١).

ثانياً: أن يقال حتى لو فرضنا أنه سبب مستقل فالعلم به غير ممكن وذلك لسرعة حركته؛ "لأن سرعة الفلك عظيمة جداً، حتى قالوا: إن الفرس شديد العدو إذا رفع رجله ووضعها يكون الفلك قد تحرك ثلاثة آلاف ميل، فإن كان كذلك فمن الوقت الذي ينفصل فيه الجنين عن بطن أمه إلى أن يأخذ المنجم الإسطرلاب (٢) وينظر في الفلك قد تحرك مسافات بعيدة جداً " (٣).

ولأن العلم به إما أن يكون بالخبر أو بالحس أو بالعقل وهذه كلها منتفية غير موجودة، وإما أن يكون بالتجربة وهي التي يحتجون بها، وفي الواقع لا يمكن وقوعها؛ لأن من شرطها التكرار، وهم يقررون أن الكوكب المعين إذا كان في موضع معين من الفلك، فإن ذلك الوضع المعين بحسب الدرجة والدقيقة لا يعود إلا بعد الآف السنين، وعمر الإنسان كله لا يفي بذلك (٤).

ثالثاً: أننا "وإن فرضنا أنه سبب مستقل وسلمنا أيضا بإمكانية العلم به، فمحل تأثيره في الحقيقة لا ينضبط؛ إذ ليس تأتي خسوف الشمس في الإقليم الفلاني بالأولى من الإقليم الآخر" (٥). وبهذه الحجة احتج علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- على المنجمين عندما قيل له لما أراد لقاء الخوارج: أتلقاهم والقمر في العقرب؟! فقال رضي الله عنه: فأين قمرهم؟


(١) المصدر السابق (٣٥/ ١٧٣).
(٢) الإسطرلاب: تُقرأ بالسين والصاد كلمة يونانية، معناها مقياس النجوم، ويقصد بها الآلة المستعملة في استخراج حساب النجوم. انظر: مفتاح العلوم للخوارزمي (ص: ٢٥٣)، كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم (١/ ١٧٦).
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (٢٥/ ١٩٩)، مفتاح دار السعادة (٢/ ١٣٣)، التنجيم والمنجمون (ص: ٢٢٦).
(٤) انظر: مفتاح دار السعادة (٢/ ١٣٤)، الفصل لابن حزم (٥/ ١٤٩).
(٥) مجموع الفتاوى (٢٥/ ١٩٩).

<<  <   >  >>