للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان ذلك في آخر الشهر (١). قال القرطبي (٢) -رحمه الله-: «انظر إلى هذه الكلمة التي أجاب بها وما فيها من المبالغة في الرد على من يقول بالتنجيم، والإفحام لكل جاهل يحقق أحكام النجوم» (٣).

رابعاً: أننا لو سلمنا بكونها سبباً مستقلاً بالتأثير، أو سلمنا باجتماع الأسباب مع إمكان العلم بها، وتحقق شروط التأثير فيها، فإنه لا بد مع هذا من زوال الموانع، فإن اجتماع الشروط غير كاف حتى تزول الموانع، قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «فلا ريب أن ما يصغر من الأعمال الصالحة من الصلاة والزكاة والصيام والحج وصلة الأرحام ونحو ذلك مما أمرت به الشريعة يعارض مقتضى ذلك السبب؛ ولهذا أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة والدعاء والاستغفار والعتق والصدقة عند الخسوف (٤)، وأخبر أن الدعاء والبلاء يلتقيان فيعتلجان بين السماء والأرض (٥). والمنجمون يعترفون بذلك حتى قال كبيرهم بطليموس (٦): ضجيج الأصوات في


(١) تفسير القرطبي (١٩/ ٢٨ - ٢٩)، وانظر: مجموع الفتاوى (٣٥/ ١٧٩)، الفتاوى الكبرى (١/ ٦٧).
(٢) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي، من كبار المفسرين، كان ورعاً متعبداً، له "الجامع لأحكام القرآن" و"التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة" (ت: ٦٧١ هـ). انظر: الديباج المذهب (٢/ ٣٠٨)، تاريخ الإسلام (١٥/ ٢٢٩).
(٣) تفسير القرطبي: (١٩/ ٢٩) وانظر: مجموع الفتاوى (٣٥/ ١٧٨ - ١٧٩).
(٤) رواه البخاري في: أبواب الكسوف. باب: الصدقة في الكسوف. برقم (١٠٤٤) ومسلم كتاب الكسوف. برقم (٩٠١).
(٥) رواه البزار في مسنده (٨١٤٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه الطبراني في الأوسط (٢٤٩٨) والحاكم في مستدركه (١٨١٣) من حديث عائشة رضي الله عنها، قال الألباني في الضعيفة (٦٧٦٤): «ضعيف جدا».
(٦) هو كلوديوس بطليموس، رياضي وجغرافيّ وعالم فلك يُونانِيّ من أهل القرن الثاني للميلاد. وُلِد نحو سنة ٨٧ م وتوفّي قُرْب الإِسْكَندريّة نحو ١٥٠ م. قيل إنه أعظم علماء الفلك الأقدمين، عاش معظم حياته في الإسكندرية. وأهم ما يذكره به العالم إنه رفض نظرية أرستاركس القائلة بأن الأرض تدور حول الشمس ويرى أن العكس هو الصحيح. ألف كتاب (المِجِسطي)، وهو أول كتاب دون فيه علم الفلك. انظر: قصة الحضارة (١١/ ١٠٦) إخبار العلماء بأخبار الحكماء (ص: ٧٨).

<<  <   >  >>