(٢) مجموع الفتاوى (٢٥/ ١٩٩ - ٢٠٠) (٣) المصدر السابق (٣٥/ ١٩٦). ويمكن أن يضاف إلى ما ذكر من الأوجه الموضحة لفساد هذه الصنعة وبطلان هذه الشبهة ما يلي: أن القول بصدور الحوادث الأرضية عن حركة الكواكب يقتضي أنها مختارة مريدة بنفسها، وهذا باطل لا يقول به عاقل، إذ لو كانت كذلك لما بقيت على حركة واحدة، ومسار واحد لا تحيد عنه، فهذه صفة الجماد المدبر المسخر الذي لا اختيار له. انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل (٥/ ١٤٧). أن هذه الكواكب تظهر وتأفل وتبدو وتختفي، والرب المتصرف المدبر لأمر الكون يجب أن يكون حياً قيوماً. وبهذه الحجة احتج إبراهيم عليه السلام على قومه المشركين كما في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} [الأنعام:٧٦]. إن إثبات تأثير النجوم والكواكب لا يمكن إلا بمعرفة طبائعها وتأثيراتها، وهم قد عجزوا عن اكتشاف هذه النجوم، فبين كل حين وآخر يكتشف نجم جديد لم يعلموا به في السابق، فإذا عجزوا عن اكتشاف وجودها فعجزهم عن إدراك طبائعها وتأثيراتها أولى وأحرى، كيف وهم يقررون أن الكوكب المعين لا يعود على حالته التي هو عليها إلا بعد آلاف السنين فكيف يمكنهم إدراكه؟! اختلاف المنجمين في الأصول التي بنوا عليها علمهم: ومن ذلك اختلافهم في البروج التي ثؤثر في العالم واختلافهم في اسمائها واختلافهم في دلالتها على طباع الناس، واختلافهم في مدة تأثيرها، واختلافهم في المذكرة منها والمؤنثة، ومن ذلك اختلافهم في السعود من الكواكب والنحوس منها، واختلافهم في كيفية معرفة السعادة من هذه الكواكب. ومنها اختلافهم في درجات الفلك، وصورته وشكله وحركته، وصورة كواكبه، وأشكالها وحركاتها، وغيرها من الأمور الكثيرة. انظر تفصيل هذه الاختلافات: التنجيم والمنجمون (١/ ٢١٦ - ٢٢٣).