للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أعظم ما يدل على كذبهم وأن علمهم قائم على التخرصات حكم كل فريق منهم بفساد أصول الفريق الآخر، ونقض كل جماعة منهم لأقوال من سبقهم (١).

وبين شيخ الإسلام أن مما يدل على هذا معرفة الخاصة والعامة بكذبهم وتواتر الناس على تكذيبهم على مر العصور (٢).


(١) "ومن هذا أن الأوائل في عهد بطليموس عملوا رصداً، واتفقوا أنه هو الصحيح، وبقي الأمر على ذلك سبعمائة سنة تقريباً، حتى كان عهد المأمون، فاتفق الرصاد في عصره على أنهم امتحنوا رصد الأوائل فوجدوهم غالطين، وأنشئوا رصداً جديداً وسموه الرصد الممتحن، وبهذا أبطلوا رصد الأوائل … ثم حكمت طائفة بعد الرصد الممتحن بستين عاماً تقريباً، وزعيمهم أبو معشر محمد بن جعفر بفساد هذا الرصد الممتحن … ثم جاءت جماعة أخرى منهم كوشيار بن باشهري الجيلي، حكموا على من سبقهم من المنجمين بالجهل … ثم جاءت جماعة بعد هؤلاء منهم أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر الصوفي، الذي ذكر أنه قد عثر على أغلاط كثيرة استدركها على المتقدمين، وصنف فيها كتاباً … ثم جاءت جماعة أخرى في عهد الحاكم بالديار المصرية، خالفوا من سبقهم، وحكموا على الأرصاد السابقة بالفساد … ثم جاءت جماعة أخرى منهم أبو الريحان البيروني حكموا بفساد أصول من تقدمهم … ثم جاءت طائفة أخرى بعدهم منهم أبو إسحاق إبراهيم بن يحيى بن الزرقالة خالفوا الأوائل والأواخر، وحكموا على رصدهم وأحكامهم بالفساد … ثم جاءت جماعة أخرى منهم أبو الصلت الأندلسي حكم على المنجمين كلهم، الأوائل منهم والأواخر بأنهم أصحاب زور وهذيان … كما حكم إمامهم الفارابي على المنجمين كلهم بأنهم كذابون مخادعون، وأن علم التنجيم باطل في ذاته لا يمكن تحصيله … ولا شك أن حكم بعضهم على بعض بفساد أصولهم وصناعتهم دليل كاف يبين فساد الصناعة نفسها، ويبرهن على أن القوم ليس عندهم إلا الظنون الكاذبة" التنجيم والمنجمون (٢٠٣ - ٢٠٤).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٣٥/ ١٧٢)، وتجد ذلك في كثير مما أثر عن السابقين قديماً وحديثاً من شعر ونثر، بينوا فيه دجل هؤلاء وكذبهم ومن أجمل ما قيل في ذلك قول الخليل بن أحمد -رحمه الله-:
أبلغوا عني المنجم أني … كافر بالذي قضته الكواكب =

<<  <   >  >>