للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما ثبوت كذبهم بالواقع والتجربة فهو أشهر من أن يذكر وأكثر من أن يحصر، ومما يدل على صريح كذبهم القصص الكثيرة التي جزموا فيها بحصول أمر معين فوقع الأمر بخلاف ما جزموا به، قال شيخ الإسلام: «ولهذا قد علم الخاصة والعامة بالتجربة والتواتر أن الأحكام التي يحكم بها المنجمون يكون الكذب فيها أضعاف الصدق» (١)، وضرب مثالاً لذلك فقال: «ولهذا لا تزال أحكامهم كاذبة متهافتة حتى إن كبير الفلاسفة الذي يسمونه "فيلسوف الإسلام" يعقوب بن إسحاق الكندي (٢) عمل تسييرا لهذه الملة: زعم أنها تنقضي عام ثلاث وتسعين وستمائة، وأخذ ذلك منه من أخرج (مخرج الاستخراج) من حروف كلام ظهر في الكشف لبعض من أعاده ووافقهم على ذلك من زعم أنه استخرج بقاء هذه الملة من حساب الجمل الذي للحروف التي في أوائل السور، وهي مع حذف التكرير أربعة عشر حرفاً. وحسابها في الجملة الكثير ستمائة وثلاثة وتسعون. ومن هذا أيضا ما ذكر في التفسير أن الله لما أنزل {الم}، قال بعض اليهود: بقاء هذه الملة إحدى وثلاثون فلما أنزل بعد ذلك {الر}، و {الم}، قالوا. خلط علينا» (٣).


= عالم أن ما يكون وما كا … ن قضاء من المهيمن واجب
موقن أن من تكهن أو … نجم كل على المقادير كاذب
وقول الآخر:
من كان يخشى زحلاً … أو كان يرجو المشتري
فإنني منه وإن … كان أبي الأدنى بري
وقول الآخر:
خوفني منجم أخو خبل … تراجع المريخ في برج الحمل
فقلت دعني من أباطيل الحيل … المشتري عندي سواء وزحل
(١) مجموع الفتاوى (٣٥/ ١٧٢).
(٢) هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن الصباح الكندي، وهو أحد أبناء ملوك كندة، وهو متبحر في فنون الحكمة اليونانية والفارسية والهندية، متخصص في أحكام النجوم، نشأ في البصرة، ثم انتقل إلى بغداد، (ت: ٢٦٠ هـ). انظر: الفهرست لابن النديم (ص: ٣٥٧)، الأعلام للزركلي (٨/ ١٩٥).
(٣) مجموع الفتاوى (٣٥/ ١٨٩ - ١٩٠)، ومن أشهر تلك القصص والحوادث ما يلي: =

<<  <   >  >>