ما أجمع عليه المنجمون من خراب العالم في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة بدعوى أن الكواكب الستة تجتمع فيه في الميزان، فيكون طوفان الريح في سائر البلدان، فارتعد جهلة الناس، وتأهبوا بحفر مغارات في الجبال، وأسراب في الأرض، خوفاً من ذلك، فلما كانت تلك الليلة التي أشاروا إليها لم ير ليلة مثلها في سكونها وركودها وهدوئها، فظهر كذب المنجمين واستبانت حقيقة حالهم، حتى نظر الشعراء في تكذيب المنجمين، أشعاراً منها قصيدة مطلعها: مزق التقويم والزيج فقد بان الخطأ … إنما التقويم والزيج هباء وهوا انظر: الكامل لابن الأثير (١١/ ٥٢٨)، التنجيم والمنجمون (ص: ٢١٠). ما زعمه المنجمون من أن المعتصم لا يفتح عمورية، وراسلته الروم بأنا نجد ذلك في كتبنا، أنه لا تفتح مدينتنا إلا في وقت إدراك التين والعنب، وبيننا وبين ذلك الوقت شهور يمنعك من المقام بها البرد والثلج، فأبى أن ينصرف، وأكب عليها ففتحها، فأبطل ما قالوا، فأنشأ أبو تمام قصيدة يمدح المعتصم فيها، ويذكر حريق عمورية وفتحها، ويبين كذب المنجمين وفساد علمهم المزعوم فقال: السيف أصدق أنباء من الكتب … في حده الحد بين الجد واللعب أين الرواية أم أين النجوم وما … صاغوه من زخرف فيها ومن كذب تخرصًّا وأحاديثًا ملفقة … ليست بنبع إذا عدت ولا غرب عجائباً زعموا الأيام مجفلة … عنهن في صفر الأصفار أو رجب وخوفوا الناس من دهياء مظلمة … إذا بدا الكوكب الغربي ذو الذنب وصيروا الأبرج العليا مرتبة … ما كان منقلباً أو غير منقلب يقضون بالأمر عنها وهي غافلة … ما دار في فلك منها وفي قطب لو بينت قط أمراً قبل موقعه … لم تخف ما حل بالأوثان والصلب انظر: التنجيم والمنجمون (ص:٢١١). ومن ذلك إجماع المنجمين في زمن الواثق بالله أنه يعيش في الخلافة دهراً طويلاً، =