للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبين شيخ الإسلام -رحمه الله- أن مما يدل على ظهور كذبهم تناقض أحكامهم، قال رحمه الله: «وكذلك دعوى المدعي أن نجم النبي -صلى الله عليه وسلم- كان بالعقرب والمريخ وأمته بالزهرة وأمثال ذلك: هو من أوضح الهذيان المباينة لأحوال النبي -صلى الله عليه وسلم- لما


= وقدروا له خمسين سنة مستقبلة من يوم نظروا ولم يعش بعد ما نظروا إلا عشرة أيام ثم توفي. وانظر: تاريخ الطبري (١١/ ٢٤)، التنجيم والمنجمون (ص:٢١١).
ومن ذلك اتفاقهم سنة اثنتين وتسعين ومائتين في قصة القرامطة على أن المكتفي بالله إن خرج لمقاتلتهم كان هو المغلوب الملزوم، وكان المسلمون قد لقوا منهم على توالي الأيام شراًّ عظيماً، وخطباً جسيماً، من ذلك أنهم قتلوا النساء والأطفال، واستباحوا الحريم والأموال، وهدموا المساجد، وربطوا فيها خيولهم ودوابهم، وقصدوا وفد الله وزوار بيته فأوقعوا فيهم القتل الذريع، والفعل الشنيع، وأباحوا محارم الله، فعزم المكتفي على الخروج إليهم بنفسه، فاجتمع المنجمون، وأشاروا على الخليفة أن لا يخرج؛ فإنه إن خرج لم يرجع، وبخروجه تزول دولته، وبهذا تشهد النجوم التي يقضي بها طالع مولده، فخالفهم المكتفي بالله وخرج وأقام بالرقة حتى أخذ أعداء الله جميعاً، وسيقت جموعهم بالسيف. انظر: مفتاح دار السعادة (٢/ ١٤٣)، التنجيم والمنجمون (ص: ٢١٢).
ومن ذلك النكبات التي حلت بمن تقيد بهذا العلم في أفعاله وأسفاره ومنها:
حال أبي علي بن مقلة الوزير، وتعظيمه لأحكام النجوم، ومراعاته لها أشد المراعاة، ودخوله داراً بناها بطالع زعم الكذابون أنه طالع سعد، ولا يرى به في الدار مكروهاً، فقطعت يده ولسانه، وخربت داره فصارت كوماً، ونكب أقبح نكبة نكبها وزير. انظر: مفتاح دار السعادة (٢/ ١٤٤)، التنجيم والمنجمون (ص: ٢١٣).
ومن ذلك أيضاً أن المنجمين حكموا للحاكم بأمر الله بركوب الحمار على كل حال، وألزموه أن يتعاهد الجبل المقطم في أكثر الأيام، وينفرد وحده بخطاب زحل بما علموه إياه من الكلام، ويتعاهد فعل ما وضعوه له من البخورات والأعزام، وحكموا بأنه ما دام على ذلك، وهو يركب الحمار فهو سالم النفس عن كل إيذاء، فلزم ما أشاروا به عليه، فجعل الله العزيز العليم، رب الكواكب ومسخرها، ومدبرها أن هلاكه كان في ذلك الجبل، وعلى ذلك الحمار، فإنه خرج بحماره إلى ذلك الجبل على عادته، وانفرد بنفسه، منقطعاً عن موكبه، وقد استعد له قوم بسكاكين، فقطعوه هنالك للوقت والحين، ثم أعدموا جثته فلم يعلم لها خبر. انظر: الكامل في التاريخ لابن الأثير (٩/ ٣١٤)، التنجيم والمنجمون (٢١٣). والقصص في كذب المنجمين كثيرة جداً، وفيما ذكر كفاية لمن أراد معرفة حقيقتهم وما هم عليه من الكذب والأغاليط.

<<  <   >  >>