للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليهود والنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية» (١)، وهذا يتبين بما نقوله: وهو أن ما فسر به هؤلاء اسم الواحد من هذه التفاسير التي لا أصل لها في الكتاب والسنة وكلام السلف والأئمة باطل بلا ريب شرعًا وعقلاً ولغة.

أما في اللغة:

فإن أهل اللغة مطبقون على أن معنى الواحد في اللغة ليس هو الذي لا يتميز جانب منه عن جانب ولا يرى منه شيء دون شيء إذ القرآن وغيره من الكلام العربي متطابق على ما هو معلوم بالاضطرار من لغة العرب وسائر اللغات أنهم يصفون كثيرًا من المخلوقات بأنه واحد ويكون ذلك جسمًا؛ إذ المخلوقات: إما أجسام، وإما أعراض عند من يجعلها غيرها، وزائدة عليها، وإذا كان أهل اللغة متفقين على تسمية الجسم الواحد واحدًا امتنع أن يكون في اللغة معنى الواحد الذي لا ينقسم إذا أريد بذلك أنه ليس بجسم، وأنه لا يشار إلى شيء منه دون شيء، وسيأتي بيان هذا ونذكر ما في اللغة من ذكر الواحد مع كونه موصوفًا ذا مقدار، بل لا يوجد في اللغة اسم واحد إلا على ذي صفة ومقدار كقوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [الزُّمَر:٦]، وقال: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} [المدَّثر:١١]، وقال: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء:١١] وسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الرجل في الثوب الواحد؟ فقال: (أوَ لكلكم ثوبان؟) (٢) وقال: (لا يصلِّ أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء) (٣).

وسيأتي بسط هذا -إن شاء الله-.


(١) رواه أبو داود في المسائل (ص:٣٦١)، والدارمي في الردّ على الجهمية (ص:٢٦، ٣٩٤) وعبد الله بن أحمد في السنَّة (١/ ١١١) والخلال في السنة (٥/ ٩٨) وابن بطة في الإبانة (٦/ ٩٧) والآجري في الشريعة (٢/ ٩٨٧).
(٢) رواه البخاري كتاب: الصلاة. باب: الصلاة في الثوب ملتحفاً به. (٣٥٨)، ومسلم كتاب الصلاة. برقم (٥١٥).
(٣) رواه البخاري كتاب: الصلاة. باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه. (٣٥٩) ومسلم كتاب الصلاة. برقم (٥١٦)

<<  <   >  >>