للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: التناقض وهو قوله إنه الوجود المطلق دون المعين» (١).

وبين رحمه الله أن غاية معتقد أصحاب وحدة الوجود وجماع أمرهم هدم الدين وأصوله وعلى رأس ذلك الإيمان بالله سبحانه فقال رحمه الله: «وجماع أمر صاحب الفصوص وذويه: هدم أصول الإيمان الثلاثة؛ فإن أصول الإيمان: الإيمان بالله، والإيمان برسله، والإيمان باليوم الآخر. فأما الإيمان بالله: فزعموا أن وجوده وجود العالم ليس للعالم صانع غير العالم. وأما الرسول فزعموا أنهم أعلم بالله منه ومن جميع الرسل ومنهم من يأخذ العلم بالله -الذي هو التعطيل ووحدة الوجود- من مشكاته وأنهم يساوونه في أخذ العلم بالشريعة عن الله. وأما الإيمان باليوم الآخر فقد قال:

فلم يبق إلا صادق الوعد وحده … وبالوعيد الحق عين تعاين

وإن دخلوا دار الشقاء فإنهم … على لذة فيها نعيم يباين

وهذا يذكر عن بعض أهل الضلال قبله أنه قال: إن النار تصير لأهلها طبيعة نارية يتمتعون بها وحينئذ: فلا خوف ولا محذور ولا عذاب؛ لأنه أمر مستعذب. ثم إنه في الأمر والنهي: عنده الآمر والناهي والمأمور والمنهي: واحد؛ ولهذا كان أول ما قاله في الفتوحات المكية التي هي أكبر كتبه:

الرب حق والعبد حق … يا ليت شعري من المكلف؟

إن قلت عبد فذاك رب … أو قلت رب أنى يكلف؟

وفي موضع آخر (فذاك ميت) رأيته بخطه. وهذا مبني على أصله فإن عنده ما ثم عبد ولا وجود إلا وجود الرب فمن المُكلَّف؟ وعلى أصله هو المُكلِّف والمُكلَّف كما يقولون: أرسل من نفسه إلى نفسه رسولًا» (٢).

ثانياً: أن اشتراك الخالق والمخلوق في مسمى الوجود لا يعني أن وجودهما واحد، فالاشتراك في المسمى لا يلزم منه الاشتراك في الحقيقة: قال شيخ


(١) المصدر السابق (٢/ ١٦٧).
(٢) مجموع الفتاوى (٢/ ٢٤١ - ٢٤٢).

<<  <   >  >>