للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنفسهم تعين أن لهم خالقا خلقهم" (١).

وقولهم هذا معلوم البطلان بالضرورة؛ لأنه مخالف للكتاب والسنة والإجماع والعقل والحس والفطرة، فكلها تشهد بالتفريق بين الخالق والمخلوق وبين واجب الوجود وممكن الوجود، ومما يدل على بطلان قولهم ما يلزم عليه من وصف الله بالعدم ووصفه بكل نقص وعيب فإنه "إذا كان وجود الممكن هو وجود الواجب، كان وجود كل مخلوق -يُعدم بعد وجوده، ويوجد بعد عدمه- هو نفس وجود الحق القديم الدائم الباقي، الذي لا يقبل العدم، وإذا قدّر هذا، كان الوجود الواجب موصوفًا بكل تشبيه وتجسيم، وكل نقص وكل عيب" (٢)، وهذا القول على بشاعته هو حقيقة مذهبهم، بل ويصرحون به في كتبهم ومقالتهم.

رابعاً: الإجماع على كفر هذه المقولة ومخالفتها للعقل:

لاشك أن النصوص متظافرة والإجماع منعقد على كفر القائلين بهذه المقالة وخروجهم من ملة الإسلام، وقد نقل شيخ الإسلام عن جملة من العلماء تكفير وتقبيح هذه المقالة ومن قال بها (٣)، وقال رحمه الله: «أما كون وجود الخالق هو وجود المخلوق؛ فهذا كفر صريح باتفاق أهل الإيمان؛ وهو من أبطل الباطل في بديهة عقل كل إنسان، وإن كان منتحلوه يزعمون أنه غاية التحقيق والعرفان وهذا مبسوط في غير هذا الموضع» (٤)، وبين شيخ الإسلام -رحمه الله- أن قولهم وكفرهم أكبر وأقبح من كفر اليهود والنصارى وذلك من وجهين: «من جهة أن أولئك قالوا: إن الرب يتحد بعبده الذي قربه واصطفاه بعد أن لم يكونا متحدين وهؤلاء يقولون: ما زال الرب هو العبد وغيره من المخلوقات ليس هو غيره.

والثاني: من جهة أن أولئك خصوا ذلك بمن عظموه كالمسيح وهؤلاء جعلوا


(١) التدمرية (ص: ٢٠).
(٢) التدمرية (ص:٤١ - ٤٢).
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (٢/ ٢٤٣ - ٢٤٧).
(٤) مجموع الفتاوى (٢/ ٢٦).

<<  <   >  >>