للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك ساريًا في الكلاب والخنازير والأقذار والأوساخ، وإذا كان الله تعالى قد قال: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة:١٧] الآية. فكيف بمن قال: إن الله هو الكفار والمنافقون والصبيان والمجانين والأنجاس والأنتان وكل شيء؟! وإذا كان الله قد رد قول اليهود والنصارى لما قالوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة:١٨]، وقال لهم: {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ} [المائدة:١٨] الآية، فكيف بمن يزعم أن اليهود والنصارى هم أعيان وجود الرب الخالق ليسوا غيره ولا سواه؟! ولا يتصور أن يعذب الله إلا نفسه، وأن كل ناطق في الكون فهو عين السامع … وأن الناكح عين المنكوح؟! … » (١).

خامساً: تناقضهم الواضح دليل على بطلان مذهبهم وفساده:

أما تناقضهم واضطرابهم فهو مقام واسع جدا يطول بيانه وذكر أمثلته، ولكننا نكتفي بذكر مثال بديع ضربه شيخ الإسلام على تناقض قولهم وفساده، وذلك أنهم يقولون بأن المحجوبين عن حقيقة التوحيد لا يرون الوجود واحداً بل يرون التعدد والكثرة في الوجود؛ لأنهم حجبوا عن الحقيقة التي أدركها هؤلاء، قال شيخ الإسلام مفحماً لهم ومظهراً لتناقضهم: «فإذا كان ما ثم غير ولا سوى، فمن المحجوب؟ ومن الحاجب؟ ومن الذي ليس بمحجوب وعم حُجب؟

فقد أثبتوا أربعة أشياء: قوم محجوبون، وقوم ليسوا بمحجوبين، وأمر انكشف لهؤلاء، وحجب عن أولئك. فأين هذا من قولهم: ما ثم اثنان ولا وجودان؟!!

كما حدثني الثقة أنه قال للتلمساني: فعلى قولكم لا فرق بين امرأة الرجل وأمه وابنته؟ قال: نعم الجميع عندنا سواء؛ لكن هؤلاء المحجوبون قالوا: حرام، فقلنا: حرام عليكم، فقيل لهم: فمن المخاطب للمحجوبين أهو هم أم غيرهم؟ فإن كانوا هم فقد حرم على نفسه لما زعم أنه حرام عليهم دونه، وإن كانوا غيره


(١) مجموع الفتاوى (٢/ ١٧٢ - ١٧٣).

<<  <   >  >>