للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دعواهم الحلول والاتحاد بالمسيح ابن مريم فمن قال بالحلول والاتحاد في غير المسيح -كما تقوله الغالية في علي، وكما تقوله الحلاجية (١) في الحلاج، والحاكمية في الحاكم (٢)، وأمثال هؤلاء - فقولهم شر من قول النصارى؛ لأن المسيح ابن مريم أفضل من هؤلاء كلهم» (٣).

الوجه التاسع: أن السلف كفروا الجهمية لمجرد تلويحهم بأن الله في كل مكان، فكيف بمن صرح بذلك كالاتحادية هؤلاء، قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «وقد كان سلف الأمة وسادات الأئمة؛ يرون كفر الجهمية أعظم من كفر اليهود كما قال عبد الله بن المبارك والبخاري وغيرهما، وإنما كانوا يلوحون تلويحا وقل أن كانوا يصرحون بأن ذاته في مكان، وأما هؤلاء الاتحادية فهم أخبث وأكفر من أولئك الجهمية» (٤).

الوجه العاشر: أن إنكار بينونة الله لخلقه هو تكذيب في الحقيقة للكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة، وتكذيبه كفر بالله وخروج عن الملة، وتقرير هذا الأمر أشهر من أن يذكر، وأوضح من أن يسطر، فهو ضرورة لا يمكن جهلها ولا يسع جحدها، إلا من مكابر معاند، أو ملحد زنديق، وقد كان مما رد به شيخ الإسلام على مناظره في اتحاد الحلاج بالحق أن قال له: «وهو سبحانه بائن عن قلب الحلاج وغيره من المخلوقات، فقلب الحلاج أو غيره كيف يسع ذات الحق؟! … » (٥).


(١) نسبة إلى مَن ألَّه الحلاج، وقد سبقت ترجمته.
(٢) هو (الحاكم بأمر الله) أبو علي، منصور ابن نزار (العزيز باللَّه) ابن معد (المعز لدين الله) ابن إسماعيل بن محمد العبيدي، متأله، غريب الأطوار، من خلفاء الدولة الفاطمية، وظهرت الدعوة إلى تأليهه سنة (٤٠٧ هـ) على يد حمد بن إسماعيل الدرزي وحسن بن حيدرة الفرغاني، (ت:٤١١ هـ). انظر: السير (١٥/ ١٧٣)، وفيات الأعيان (٥/ ٢٩٢).
(٣) مجموع الفتاوى (٢/ ٢٨٠ - ٢٨١)، وانظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (٤/ ٤٩٧).
(٤) مجموع الفتاوى (٢/ ٤٧٧).
(٥) منهاج السنة (٥/ ٣٧٩).

<<  <   >  >>