للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكشف ضلالهم وكفرهم وتلبيساتهم، ولو جمع كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- في ابن عربي وطائفته، لبلغ عدة مجلدات، وذلك لكثرة انتشار هذا المذهب في عصره واغترار الناس بهؤلاء وأمثالهم وإحسان الظن بهم، وعدم فهم حقيقة مذهبهم وأقوالهم، وسأكتفي في هذا الموضع ببيان شيء يسير مما ذكره شيخ الإسلام في بيان حقيقة مذهبهم واعتقادهم، وما حواه من كفر عظيم، وإلحاد برب العالمين، وتحريف للشرعة والدين.

بين شيخ الإسلام -رحمه الله- أن غاية مذهب الاتحادية هو إنكار وجود الله والإلحاد به وبأسمائه وصفاته، كما سبق توضيح ذلك في المبحث الأول من هذا الفصل، وكل اعتقاداتهم التي يقررونها في الباري عز وجل إنما هي أوهام وخيالات لا وجود لها في الحقيقة، ولا تمت للواقع بأي صلة (١)، وحقيقة مذهبهم ترجع للإلحاد برب العالمين، حيث إنه لا فرق في الحقيقة بين ما يذكرونه من توحيد وبين مذهب الملاحدة الذين ينكرون وجود الصانع كما تم توضيح ذلك في المطلب الأول من هذا المبحث، وبين شيخ الإسلام أنهم يجعلون وجود الله نفس وجود الحيوانات والحشوش والأخلية والنجاسات والأقذار! ويجعلون رب العزة سبحانه هو عين المخلوقات ويصفونه بجميع النقائص والآفات التي يوصف بها كل كافر وكل فاجر وكل شيطان وكل سبع وكل حية من الحيات، فتعالى الله عن إفكهم وضلالهم وسبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا (٢)، وصرح بعض أئمتهم أن القرآن الذي بين أيدينا كله شرك وأن التوحيد إنما هو في كلامهم وحسب؛ وذلك لأن القرآن يفرق بين الرب والعبد وحقيقة التوحيد عندهم أن الرب هو العبد (٣)، وأنكروا الخلق والملك والربوبية والرزق والرحمة والهداية (٤)، وأشركوا بالله كل


(١) انظر: جامع المسائل (٤/ ٤٠٤ - ٤٠٥)
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٢/ ١٢٦).
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (٢/ ١٢٧) (٢/ ٢٠١).
(٤) انظر: المصدر السابق (٢/ ٢٤٨).

<<  <   >  >>