للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العباد كان الفعل لهم في الصورة وله في المعنى وهذا عام في كل الأفعال الخير والشر» (١).

وقال رحمه الله: «وعلى هذا التقدير فالمبايع هو الله أيضًا فيكون الله قد بايع الله؛ إذ الله خالق لهذا ولهذا وكذلك إذا قيل بمذهب أهل الحلول والوحدة والاتحاد فإنه عام عندهم في هذا وهذا فيكون الله قد بايع الله. وهذا يقوله كثير من شيوخ هؤلاء الحلولية الاتحادية حتى إن أحدهم إذا أمر بقتال العدو يقول: أقاتل الله؟ ما أقدر أن أقاتل الله ونحو هذا الكلام الذي سمعناه من شيوخهم وبينا فساده لهم وضلالهم فيه غير مرة» (٢).

الوجه الثاني: يلزم من هذا القول أن لا يكون هناك فرق بين فعل نبي من الأنبياء وفعل كافر من الأشقياء ولا ملك من الملائكة ولا ولي ولا صالح ولا فاسق ولا طالح، بل ولا حتى الحيوانات والجمادات، فإن الكل باعتبار القيومية والتقدير أفعالهم مخلوقة.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «واعلم أن من قال من النظار: إن أفعال العباد كلها فعل الله فلا فرق عندهم بين أفعال المؤمنين والكفار والبهائم وحركات الجمادات فإن مرادهم أن كل ما سوى الله فهو فعله أي مفعوله، وعلى قول هؤلاء فلا فرق بين فعل الرسول وغيره، وليس في كون الله خالقاً لشيء تفضيل لذلك المخلوق على غيره فإن الله خالق كل شيء» (٣).

ويلزم منه سلب خاصية الأنبياء والملائكة والأولياء وتسويتهم بأفجر الفجار وأكفر الكفار والعياذ بالله، قال شيخ الإسلام: «ومن ظن في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفتح:١٠]، أن المراد به أن فعلك هو فعل الله أو المراد أن الله حال فيك ونحو ذلك فهو -مع جهله وضلاله بل كفره وإلحاده- قد سلب


(١) الرد على البكري (١/ ٣٦٥).
(٢) مجموع الفتاوى (٢/ ٣٣٤).
(٣) الرد على البكري (١/ ٣١٨).

<<  <   >  >>