للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة:١٢٨] وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (٢٤)} [السجدة:٢٤] وقال: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص:٤١] ولا يقال: إن الله يقيم الصلاة ويدعو إلى النار ولا إنه قد أسلم وقال تعالى {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١)} [المعارج:١٩ - ٢١]، ولا يوصف الله تعالى بالهلع و الجزع، وجماع الأمر أن الله عز و جل لا يوصف بمخلوقاته" (١).

سادساً: أن كون الله هو خالق أفعال العباد لا يقتضي أن العبد هو الله قال رحمه الله: «أنه لو فرض أن المراد بهذه الآية أن الله خالق أفعال العباد فهذا المعنى حق وقد قال الخليل: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} [البقرة:١٢٨] فالله هو الذي جعل المسلم مسلماً، وقال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج:١٩ - ٢١]، فالله هو الذي خلقه هلوعاً لكن ليس في هذا أن الله هو العبد؛ ولا أن وجود الخالق هو وجود المخلوق، ولا أن الله حال في العبد.

فالقول بأن الله خالق أفعال العباد حق والقول بأن الخلق حال في المخلوق أو وجوده وجود المخلوق باطل. وهؤلاء ينتقلون من القول بتوحيد الربوبية إلى القول بالحلول والاتحاد وهذا عين الضلال والإلحاد» (٢).

سابعاً: يلزم من هذا القول تجويز دعاء غير الله وعبادة غير الله وتصحيح جميع الأديان الكفرية والمعبودات الوثنية، وأن العابد لها ما عبد ولا سجد ولا تقرب إلا لله، قال شيخ الإسلام: «وهذا كثيرا ما يقع فيه هؤلاء الإسماعيلية الاتحادية وأعرف منهم شخصا كان معظمًا وكان له حاجة إلى نصراني فذهب إليه وخضع له وقبل يده ورجله وربما قبل نعله حتى قضى حاجته ثم جعل يقول: ما رأيت إلا الله وما كان ذلك الخضوع والتقبيل إلا لله عز وجل، وهؤلاء يصرحون في


(١) المصدر السابق (١/ ٣٣٨).
(٢) مجموع الفتاوى (٢/ ٣٣٢).

<<  <   >  >>