للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهم دفعه، وأما هذا الصياح فهو من الشيطان وهو باختيارهم وتكلفهم، ويقدرون على دفعه، ولقد حدثني بعض الخبيرين بهم بعد المجلس: أنهم يفعلون في الصلاة ما لا تفعله اليهود والنصارى مثلاً قول أحدهم: أنا على بطن امرأة الإمام، وقول الآخر: كذا وكذا من الإمام، ونحو ذلك من الأقوال الخبيثة، وأنهم إذا أنكر عليهم المنكر ترك الصلاة يصلون بالنوبة، وأنا أعلم أنهم متولون للشياطين، ليسوا مغلوبين على ذلك، كما يغلب الرجل في بعض الأوقات على صيحة أو بكاء في الصلاة أو غيرها.

فلما أظهروا التزام الكتاب والسنة، وجموعهم بالميدان بأصواتهم وحركاتهم الشيطانية يظهرون أحوالهم، قلت له: أهذا موافق للكتاب والسنة؟ فقال: هذا من الله حال يرد عليهم.

فقلت: هذا من الشيطان الرجيم، لم يأمر الله به ولا رسوله -صلى الله تعالى عليه وسلم-، ولا أحبه الله ولا رسوله. فقال: ما في السموات والأرض حركة ولا كذا ولا كذا إلا بمشيئته وإرادته. فقلت له: هذا من باب القضاء والقدر، وهكذا كل ما في العالم من كفر وفسوق وعصيان هو بمشيئته وإرادته، وليس ذلك بحجة لأحد في فعله، بل ذلك مما زينه الشيطان وسخطه الرحمن.

فقال: فبأي شيء تبطل هذه الأحوال، فقلت: بهذه السياط الشرعية.

فأعجب الأمير وضحك! وقال: أي والله بالسياط الشرعية تبطل هذه الأحوال الشيطانية، كما قد جرى مثل ذلك لغير واحد، ومن لم يجب إلى الدين بالسياط الشرعية فبالسيوف المحمدية. وأمسكت سيف الأمير، وقلت: هذا نائب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وغلامه، وهذا السيف سيف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمن خرج عن كتاب الله وسنة رسوله ضربناه بسيف الله، وأعاد الأمير هذا الكلام، وأخذ بعضهم يقول: فاليهود والنصارى يقرون ولا نقر نحن؟!

فقلت: اليهود والنصارى يقرون بالجزية على دينهم المكتوم في دورهم، والمبتدع لا يقر على بدعته، فأفحموا لذلك. وحقيقة الأمر أن من أظهر منكرًا

<<  <   >  >>