للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بصيدنايا (١)، وهي أعظم مزاراتهم بعد القمامة وبيت لحم، فإن هذه صورة السيدة مريم، وأصلها خشبة نخلة سُقِيت بالأدهان حتى تنعمت وصار الدهن يخرج منها دهنًا مصنوعًا يُظن أنه من بركة الصورة.

ومن حيلهم الكثيرة: النار التي يظن عوامهم أنها تنزل من السماء في عيدهم في قمامة، وهي حيلة قد شهدها غير واحد من المسلمين والنصارى، ورأوها بعيونهم أنها نار مصنوعة يضلون بها عوامهم، يظنون أنها نزلت من السماء، ويتبركون بها، وإنما هي صنعة صاحب مُحَالٍ وتلبيس. ومثل ذلك كثير من حيل النصارى، فجميع ما عند النصارى المبدلين لدين المسيح من الخوارق: إما حال شيطاني، وإما محال بهتاني ليس فيه شيء من كرامات الصالحين، وكذلك أهل الإلحاد المبدلين لدين محمد -صلى الله عليه وسلم- الذين يتخذون دينا لم يشرعه الله ورسوله ويجعلونه طريقا إلى الله وقد يختارونه على الطريق التي شرعها الله ورسوله» (٢).

وقال تلميذه ابن القيم -رحمه الله-: «ثم إنك إذا كشفت عن حالهم وجدت أئمة دينهم قد نصبوا حبائل الحيل، ليقتنصوا بها عقول العوالم، ويتوصلوا بالتمويه والتلبيس إلى استمالتهم وانقيادهم لهم واستدرار أموالهم، وذلك أشهر وأكثر من أن يذكر.

فمن ذلك ما يعتمدونه في العيد الذي يسمونه عيد النور -ومحله ببيت المقدس- فيجتمعون من سائر النواحي في ذلك اليوم، ويأتون إلى بيت فيه قنديل معلق، لا نار فيه، فيتلو أحبارهم الإنجيل، ويرفعون أصواتهم، ويبتهلون في الدعاء. فبينما هم كذلك، وإذا نار قد نزلت من سقف البيت، فتقع على ذبالة


(١) بلد من أعمال دمشق مشهور بكثرة الكروم. انظر: معجم البلدان (٣/ ٤٣٨) مراصد الاطلاع (٢/ ٨٥٩).
(٢) الجواب الصحيح (٢/ ٣٣٩ - ٣٤١).

<<  <   >  >>