للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسجدون للشمس، وسجودهم للشيطان» (١).

خامساً: مما يدل على أن هذه الأفعال من أفعال الشياطين، أنها تكثر في البلاد التي يقل فيها ظهور الإسلام والسنة، ويكثر فيها الكفر والفسوق والعصيان، وتتلاشى عند ذكر الله وتلاوة آياته، قال شيخ الإسلام: «وأما الجزيرة (٢) والعراق وخراسان (٣) والروم ففيها من هذا الجنس أكثر مما بالشام وغيرها؛ وذلك لأن ظهور هذه الأشياء، من الأحوال الشيطانية التي أسبابها الكفر والفسوق والعصيان، في تلك البلاد أقوى وأظهر، وظهور الإسلام والسنة وإخلاص الدين لله في أرض الشام أقوى من سائر البلاد؛ فلهذا ضعفت هذه الأحوال الشيطانية وأنكرت إذا ظهرت فيها، وإذا ظهرت ولم تنكر ولم تغير؛ قويت واشتدت شوكتها، فحيث قويت الأحوال الرحمانية الإيمانية المحمدية والتوحيد ونور القرآن وظهرت آثار النبوة والرسالة ضعفت هذه الأحوال الشيطانية؛ فإن سلطانها إنما يقوى وتعظم جنوده في بلاد أهل الكفر والفسوق والعصيان، كبلاد جنكز خان (٤) والهند والروم وغيرها من أهل الكفر والفسوق والعصيان، فبلادهم فيها مادتان: مادة كفر ونفاق وفسوق وعصيان، ومادة علم


(١) الفتاوى الكبرى لابن تيمية (١/ ١٩٢).
(٢) الجزيرة: بلاد تشتمل على ديار بكر ومضر وربيعة، وإنما سميت جزيرة لأنها بين دجلة والفرات، وهي الجزء الشمالي من الأرض التي يكتنفها نهرا دجلة والفرات، وهي من أخصب أرض العرب، ومن أهم أعلامها «جبل سنجار» وأهم القبائل التي تسكنها الآن قبيلة طيئ ثم قبيلة عنزة. انظر: آثار البلاد وأخبار العباد (ص: ٣٥١) معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص: ٨٢).
(٣) خُراسَانُ: كلمة فارسية معناها بلاد الشمس المشرقة (أي الشرق) وهي بلاد واسعة، أول حدودها مما يلي العراق، وآخر حدودها مما يلي الهند، وتشتمل على أمّهات من البلاد منها نيسابور وهراة ومرو وبلخ ونسا، وتتقاسمها اليوم إيران الشرقية «نيسابور»، وأفغانستان الشمالية (هراة وبلخ)، ومقاطعة تركمانستان السوفيتية (مرو). انظر: معجم البلدان (٢/ ٣٥٠) المعالم الأثيرة في السنة والسيرة (ص: ١٠٨).
(٤) في المطبوع "جنكر خان"، ولعله خطأ. وقد سبق ذكر ترجمته.

<<  <   >  >>