للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كل العلوم بين عينيه؛ يأخذ ما يريد ويدع ما يريد» (١).

وقال ابن سيد الناس (٢): «ألفيته ممن أدرك من العلم حظًّا، وكاد يستوعب السنن والآثار حفظًا، إِنْ تكلَّم في التفسير؛ فهو حامل رايته، أَو أفتى في الفقه؛ فهو مُدْرك غايته، أو ذاكر بالحديث؛ فهو صاحب علم وذو روايته، أَو حاضر بالنِّحل والملل؛ لم يُر أَوسع من نِحْلَتِه في ذلك ولا أَرفع من درايته، برز في كل فنِّ على أَبناء جِنسه، ولم تر عين من رآه مثله، ولا رأَت عينه مثل نفسه» (٣).

وقال عَلم الشافعية العلامة كمال الدين ابن الزملكاني (٤): «كان -يعني: شيخ الإسلام- إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن وحكم أن أحداً لا يعرفه مثله، وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا في مذاهبهم منه ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك، ولا يعرف أنه ناظر أحداً فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العلوم: سواء أكان من علوم الشرع أم غيرها إلا فاق فيه أهله والمنسوبين إليه … واجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها» (٥).

وقد قال شيخ الإسلام -رحمه الله- حاكياً عن نفسه: «أنا أعلم كل بدعة حدثت في


(١) تتمة المختصر في أخبار البشر ضمن الجامع لسيرة شيخ الإسلام (ص: ٣٢٩).
(٢) أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن سيّد النّاس الشافعي الإشبيليّ المصري، المعروف بابن سيّد الناس، كان حافظاً بارعاً متفنناً وله أشعار حسنة، من مصنفاته "عيون الأثر" و"بشرى اللبيب" (ت:٧٣٤ هـ). انظر: طبقات الشافعية الكبرى (٩/ ٢٦٨ - ٢٧٢) شذرات الذهب (٨/ ١٨٩) فوات الوفيات (٣/ ٢٨٧).
(٣) أجوبة ابن سيد الناس اليعمري ضمن الجامع لسيرة شيخ الإسلام (ص: ١٨٨).
(٤) هو كمال الدين محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري، المعروف بابن الزملكاني، انتهت إليه رياسة الشافعية في عصره، له مصنفات منها: رسالة في الرد على ابن تيمية في مسألتي (الطلاق والزيارة) وتعليقات على (المنهاج) للنووي، (ت: ٧٢٧ هـ). انظر: طبقات الشافعية الكبرى (٥/ ٢٥١)، الدرر الكامنة (٤/ ٧٤).
(٥) العقود الدرية (ص: ٢٣ - ٢٤).

<<  <   >  >>