للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإسلام، وأول من ابتدعها، وما كان سبب ابتداعها» (١).

وقال ابن القيم: «ومن الجود بالعلم: أن السائل إذا سألك عن مسألة: استقصيت له جوابها جوابًا شافيًا، لا يكون جوابك له بقدر ما تدفع به الضرورة، كما كان بعضهم يكتب في جواب الفتيا: نعم، أو: لا. مقتصرا عليها.

ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- في ذلك أمراً عجيباً: كان إذا سئل عن مسألة حكمية، ذكر في جوابها مذاهب الأئمة الأربعة، إذا قدر، ومأخذ الخلاف، وترجيح القول الراجح. وذكر متعلقات المسألة التي ربما تكون أنفع للسائل من مسألته. فيكون فرحه بتلك المتعلقات، واللوازم: أعظم من فرحه بمسألته وهذه فتاويه -رحمه الله- بين الناس، فمن أحب الوقوف عليها رأى ذلك» (٢).

ولم يكن علمه مقتصراً على العلوم الشرعية فحسب؛ بل لقد كان آية من آيات الله في مختلف العلوم وشتى الفنون قال العلامة أحمد بن يحيى العمري (٣): «وكان إماماً في التفسير وعلوم القرآن، عارفاً بالفقه واختلاف الفقهاء والأصلينِ والنحو وما يتعلق به، واللغة والمنطق وعلم الهيئة واجَبْر (٤) والمقابلة، وعلم الحساب، وعلم أهل الكتابين وأهل البدع، وغير ذلك من العلوم النقلية والعقلية. وما تكلم معه فاضل في فن من الفنون إلا ظن أن ذلك الفن فنه» (٥).


(١) مجموع الفتاوى (٣/ ١٨٤).
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٢٧٩)
(٣) أحمد بن يحيى بن فضل الله بن مجلى القرشي العمري، من علماء الشافعية، من كبار المؤرخين في عصره، له مصنفات منها: "مسالك الأبصار"، "نفحة الروض" وغيرها، مولده ومنشأه ووفاته في دمشق (ت: ٧٤٩ هـ). انظر: فوات الوفيات (١٩/ ٢١١) الدرر الكامنة (١/ ٣٩٣).
(٤) هكذا في المطبوع ولعل الصواب (الجبر).
(٥) مسالك الأبصار ضمن الجامع لسيرة شيخ الإسلام (ص: ٣١٧).

<<  <   >  >>