للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى الأول: حقيقة ما يؤول إليه الكلام، فتأويل الأوامر فعلها، وتأويل النواهي اجتنابها، وتأويل الخبر نفس المخبر عنه، قال شيخ الإسلام: «وأما لفظ (التأويل) في التنزيل فمعناه: الحقيقة التي يؤول إليها الخطاب، وهي نفس الحقائق التي أخبر الله عنها، فتأويل ما أخبر به عن اليوم الآخر هو نفس ما يكون في اليوم الآخر، وتأويل ما أخبر به عن نفسه هو نفسه المقدسة الموصوفة بصفاته العلية» (١). وهذا هو المعنى الذي يراد بلفظ التأويل في الكتاب والسنة كقوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف:٥٣]، ومنه قول عائشة: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا ولك الحمد اللهم اغفر لي، يتأول القرآن) (٢).

المعنى الثاني: تفسير الكلام، وهو بيان المعنى المراد، أي معنى الكلام ومراد المتكلم به، قال شيخ الإسلام: «ويراد بلفظ التأويل: التفسير، وهو اصطلاح كثير من المفسرين، ولهذا قال مجاهد -إمام أهل التفسير-: إن (الراسخين في العلم)، يعلمون تأويل المتشابه، فإنه أراد بذلك تفسيره وبيان معانيه وهذا مما يعلمه الراسخون» (٣).

وهذان المعنيان للتأويل حق، ويكونان في سائر الكلام، وبهما يتحصل على معنى كلام المتكلم ومراده، إلا أن الأول يكون تحصيله خارج الذهن، والثاني يكون تحصيله في الذهن.

المعنى الثالث: وهو المعنى الذي اصطلح عليه بعض المتأخرين، ولا يوجد في اصطلاح أحد من السابقين، وهو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر إلى غير


(١) درء تعارض العقل والنقل (٥/ ٣٨٢) وانظر: مجموع الفتاوى (٤/ ٦٨)، الصفدية (١/ ٢٨٨).
(٢) رواه البخاري كتاب الأذان، باب: التسبيح والدعاء في السجود (٨١٧)، ومسلم كتاب الصلاة (٤٨٤).
(٣) مجموع الفتاوى (٤/ ٦٩).

<<  <   >  >>