للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظاهره، وهذا الصرف إما أن يكون:

١) بدليل وقرينة صحيحة أرادها المتكلم ودل عليها السياق: فهذا المعنى للتأويل معنى صحيح وهو راجع للمعنيين الأوليين، ولا يصح أن يكون معنى ثالثاً بل غايته أن يرجع لأحد المعنيين السابقين، قال شيخ الإسلام: «وأما التأويل بمعنى صرف اللفظ عن مفهومه إلى غير مفهومه فهذا لم يكن هو المراد بلفظ التأويل في كلام السلف، اللهم إلا أنه إذا علم أن المتكلم أراد المعنى الذي يقال: إنه خلاف الظاهر جعلوه من التأويل الذي هو التفسير، لكونه تفسيراً للكلام وبياناً لمراد المتكلم به، أو جعلوه من النوع الآخر الذي هو الحقيقة الثابتة في نفس الأمر التي استأثر الله بعلمها؛ لكونه مندرجاً في ذلك، لا لكونه مخالفا للظاهر» (١).

٢) بدون دليل صارف ولا قرينة، أو بدليل وقرينة غير صحيحين: وهذا هو التحريف الذي نفاه شيخ الإسلام عن النصوص، وهو المسلك الذي اتَّبعه المتكلمون لتعطيل دلالة النصوص، وسموه (تأويلاً)، وهو في الحقيقة تحريف واضح؛ فإن "التحريف نوعان: تحريف اللفظ، وتحريف المعنى: فتحريف اللفظ: العدول به عن جهته إلى غيرها، إما بزيادة، وإما بنقصان، وإما بتغيير حركة إعرابية، وإما غير إعرابية، فهذه أربعة أنواع … وأما تحريف المعنى: فهذا الذي جالوا وصالوا وتوسعوا وسموه تأويلاً، وهو اصطلاح فاسد حادث لم يعهد به استعمال في اللغة: وهو العدول بالمعنى عن وجهه وحقيقته، وإعطاء اللفظ معنى لفظ آخر بقدر ما مشترك بينهما " (٢).

قال شيخ الإسلام: «والتأويل الذي ذمه السلف والأئمة هو تحريف الكلام عن مواضعه، وإخراج كلام الله ورسوله عما دل عليه وبينه الله به، وقد حده طائفة بأنه صرف الكلام عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح بغير


(١) الصفدية (١/ ٢٩١).
(٢) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (ص: ٣٨٧).

<<  <   >  >>