للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليل» (١)، وقال رحمه الله: «ويراد بالتأويل تحريف الكلم عن مواضعه، وتفسير الكلام بغير مراد المتكلم، كتحريف أهل الكتاب لما حرفوه من الكتاب، وتحريف الملاحدة وأهل الأهواء لما حرفوه من معاني هذا الكتاب» (٢).

وهذا النوع من التأويل قد قام شيخ الإسلام بنقضه وبيان فساده من وجوه عدة، أهمها ما يلي:

أولاً: أنه اصطلاح حادث لم يكن في عرف السلف، ووُضِع من جهة غير مؤتمنة وهم المتكلمون، قال شيخ الإسلام: «وهذا التأويل لا يكون إلا مخالفاً لما يدل عليه اللفظ ويبينه، وتسمية هذا تأويلاً لم يكن في عرف السلف، وإنما سمى هذا وحده تأويلاً طائفة من المتأخرين الخائضين في الفقه وأصوله والكلام» (٣)، وعلى ذلك فهو بدعة شرعية ولغوية، إذ لم تدل عليه اللغة فلا وجه لفهمه، ولم يقصده الشرع فلا وجه للتدين به، ويعود على اللغة وعلى الشرع وعلى العلوم بالإبطال.

ثانياً: أن "التأويل المقبول: هو ما دل على مراد المتكلم، والتأويلات التي يذكرونها لا يُعلم أن الرسول أرادها، بل يُعلم بالاضطرار في عامة النصوص أن المراد منها نقيض ما قاله الرسول، كما يُعلم مثل ذلك في تأويلات القرامطة والباطنية من غير أن يحتاج ذلك إلى دليل خاص. وحينئذ فالمتأول إن لم يكن مقصوده معرفة مراد المتكلم كان تأويله للفظ بما يحتمله من حيث الجملة في كلام من تكلم بمثله من العرب، هو من باب التحريف والإلحاد، لا من باب التفسير وبيان المراد" (٤).


(١) جامع المسائل (٣/ ١٦٠ - ١٦١)، وانظر: الصفدية (١/ ٢٨٩)، بيان تلبيس الجهمية (٨/ ٥٤٨).
(٢) جامع المسائل (٥/ ٢٩١).
(٣) مجموع الفتاوى (٤/ ٦٩)، وانظر: الصفدية (١/ ٢٨٨)، بيان تلبيس الجهمية (٨/ ٥٤٨)، جامع المسائل (٣/ ١٦٠ - ١٦١).
(٤) درء تعارض العقل والنقل (١/ ٢٠١)، وانظر: الصفدية (١/ ٢٨٨).

<<  <   >  >>