للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلا فهو فاسد مردود.

وقد ذكر شيخ الإسلام أربع مقامات يتميز من خلالها التأويل الصحيح من التأويل الفاسد، سأوردها هنا مع مزيد من التفصيل والتوضيح، وهي كالآتي:

المقام الأول: أن يكون اللفظ محتملاً في اللغة للمعنى الذي أُوِّل إليه، ومستعملاً فيه؛ وذلك لأن الكلام في الكتاب والسنة والآثار جاء باللسان العربي، ولا يجوز أن يراد بشيء منه خلاف لسان العرب، فلا بد أن تكون العرب قد استخدمت هذا اللفظ بالمعنى المصروف إليه، وإلا فيمكن كل مبطل أن يفسر أي لفظ بأي معنى سنح له، وإن لم يكن له أصل في اللغة.

والتأويل الذي لا يحتمله لفظ النص وسياقه لغةً أنواع (١):

١. ما لم يحتمله اللفظ في أصل وضعه: كتأويل القدم في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (حتى يضع الجبار فيها قدمه) (٢)، بالجماعة من الناس و"كتأويلات الجهمية والقرامطة الباطنية، كتأويل من تأول الصلوات الخمس: بمعرفة أسرارهم، والصيام، بكتمان أسرارهم، والحج: بزيارة شيوخهم، والإمام المبين: بعلي بن أبي طالب، وأئمة الكفر: بطلحة والزبير، والشجرة الملعونة في القرآن: ببني أمية، واللؤلؤ والمرجان: بالحسن والحسين، والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين: بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، والبقرة: بعائشة، وفرعون: بالقلب، والنجم والقمر والشمس: بالنفس والعقل، ونحو ذلك. فهذه التأويلات من باب التحريف الكلم عن مواضعه، والإلحاد في آيات الله، وهي من باب الكذب على الله وعلى رسوله وكتابه" (٣).


(١) هذه الأنواع ذكرها ابن القيم -رحمه الله-، انظر: مختصر الصواعق (ص:٢٣ - ٢٧)، وقد نقلتها عنه بشيء من الاختصار والتصرف، وأضفت لها شيئاً من كلام شيخ الإسلام الموضح ذلك.
(٢) رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق:٣٠] (٤٨٤٨)، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٤٦).
(٣) درء تعارض العقل والنقل (٥/ ٣٨٣).

<<  <   >  >>