للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصفات المتعلقة نوعان:

أحدهما: إضافة محضة، مثل: الأبوة والبنوة والفوقية والتحتية ونحوها، فهذه الصفة التي يقال فيها: هي مجرد نسبة وإضافة، والنسب أمور عدمية.

والثاني: صفة ثبوتية مضافة إلى غيرها: كالحب والبغض والإرادة والكراهة والقدرة وغير ذلك من الصفات؛ فإن الحب صفة ثبوتية متعلِّقة بالمحبوب، فالحب معروض للإضافة بمعنى أن الإضافة صفة عرضت له؛ لا أن نفس الحب هو الإضافة، ففرق بين ما هو إضافة، وبين ما هو صفة مضافة. فالإضافة يقال فيها: إنها عدمية، وأما الصفة المضافة فقد تكون ثبوتية كالحب.

قال ابن المرحل: الحب أمر عدمي؛ لأن الحب نسبة والنسب عدمية.

قال الشيخ تقي الدين: كون الحب والبغض والإرادة والكراهة أمراً عدمياً باطلٌ بالضرورة، وهو خلاف إجماع العقلاء، ثم هو مذهب بعض المعتزلة في إرادة الله؛ فإنه زعم أنها صفة سلبية؛ بمعنى أنه غير مغلوب ولا مستكره، وأطبق الناس على بطلان هذا القول.

وأما إرادة المخلوق وحبه وبغضه فلم نعلم أحداً من العقلاء قال: إنهُ أمرٌ عدمي.

فأصر ابن المرحل: على أن الحب -الذي هو ميل القلب إلى المحبوب- أمرٌ عدمي، وقال: المحبة: أمر وجودي.

قال الشيخ تقي الدين: المحبة هي الحب، فإنه يقال: أحبه وحبه حباً ومحبةً، ولا فرق، وكلاهما مصدر.

قال ابن المرحل: وأنا أقول: إنهما إذا كانا مصدرين فهما أمر عدمي.

قال له الشيخ تقي الدين: الكلام إذا انتهى إلى المقدمات الضرورية فقد انتهى وتم، وكون الحب والبغض أمراً وجودياً معلوم بالاضطرار؛ فإن كل أحد يعلم أن الحي إن كان خالياً عن الحب كان هذا الخلو صفة عدمية، فإذا صار محباً فقد تغير الموصوف، وصار له صفة ثبوتية زائدة على ما كان قبل أن يقوم به الحب، وهو

<<  <   >  >>