للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سمعت أبا المعالي الجويني وقد سئل عن قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه:٥]؟

فقال: كان الله ولا عرش -وجعل يتخبط في الكلام-.

فقلت: قد علمنا ما أشرت إليه، فهل عندك للضرورات من حيلة؟!

فقال: ما تريد بهذا القول، وما تعني بهذه الإشارة؟

فقلت: ما قال عارف قط يا رباه إلا قبل أن يتحرك لسانه، قام من باطنه قصد لا يلتفت يمنة ولا يسرة يقصد الفوق، فهل لهذا القصد الضروري عندك من حيلة، فنبئنا نتخلص من الفوق والتحت؟! وبكيت وبكى الخلق.

فضرب الأستاذ بكمه على السرير وصاح: يا للحيرة! وخرق ما كان عليه وانخلع، وصارت قيامة في المسجد، ونزل، ولم يجبني إلا: يا حبيبي الحيرة الحيرة، والدهشة الدهشة!

فسمعت بعد ذلك أصحابه يقولون: سمعناه يقول: حيرني الهمداني (١).

٢) أن ما تجده النفوس من علو ربها -جل جلاله- أمر متفق عليه بين أمم الأرض باختلاف أجناسها وأعمارها وأديانها، من مسلمين ويهود ونصارى ومشركين، وعجائز وصبيان، وعربٍ وعجم (٢).

٣) أن العلم بعلو الله مما جبل وفطر عليه الناس، واشترك في العلم به الجاهل والعالم، وهو مستقر عند العامي الذي لا يقرأ ولا يكتب كما هو مستقر عند العالم القارئ الكاتب (٣).


(١) العلو للعلي الغفار (ص:٢٥٩) قال الشيخ الألباني -رحمه الله-: وإسناد هذه القصة صحيح مسلسل بالحفاظ. مختصر العلو (ص:٢٧٧).
(٢) انظر درء تعارض العقل والنقل (٦/ ١٢)
(٣) انظر: المصدر السابق (٦/ ١٢)

<<  <   >  >>