للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال ابن المُرحِّل: قد نقل بعض المصنفين -وسماه- (١): أن مذهب أهل السنة والجماعة: أن الشكر لا يكون إلا بالاعتقاد. ومذهب الخوارج: أنه يكون بالاعتقاد والقول والعمل. وبنوا على هذا: أن من ترك الأعمال يكون كافراً؛ لأن الكفر نقيض الشكر، فإذا لم يكن شاكراً كان كافراً.

قال الشيخ تقي الدين: هذا المذهب المحكي عن أهل السنة خطأ والنقل فيه عن أهل السنة خطأ؛ فإن مذهب أهل السنة: أن الشكر يكون بالاعتقاد والقول والعمل. قال الله تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} [سبأ:١٣]، وقام النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى تورمت قدماه فقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: (أفلا أكون عبدا شكورا) (٢).

قال ابن المرحل: أنا لا أتكلم في الدليل، وأسلم ضعف هذا القول؛ لكن أنا أنقل أنه مذهب أهل السنة.

قال الشيخ تقي الدين: نسبة هذا إلى أهل السنة خطأ؛ فإن القول إذا ثبت ضعفه كيف ينسب إلى أهل الحق؟ ثم قد صرح من شاء الله من العلماء المعروفين بالسنة أن الشكر يكون بالاعتقاد والقول والعمل، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة.

قلت: وباب سجود الشكر في الفقه أشهر من أن يذكر وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن سجدة سورة ص: (سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرا) (٣).

ثم من الذي قال من أئمة السنة: إن الشكر لا يكون إلا بالاعتقاد؟!


(١) لم أقف عليه، كما لم يصرح الكاتب باسمه.
(٢) رواه البخاري كتاب: (التهجد) باب: (قيام النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى ترم قدماه) (١١٣٠)، ومسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار (٢٨١٩)، من حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-.
(٣) رواه النسائي في سننه (٩٥٧)، ومحمد بن الحسن في الآثار (١/ ٥٦٥) (٢١٠)، وعبدالرزاق في مصنفه (٥٨٧٠)، والطبراني في المعجم الكبير (١٢٣٨٦)، والأوسط (١٠٠٨)، والدارقطني في سننه (١٥١٦)، كلهم من طريق عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً، وصححه الألباني في المشكاة (١٠٣٨)، وفي صحيح أبي داود (٥/ ١٥٤) وصحيح الجامع (٣٦٨٢).

<<  <   >  >>