للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن المرحل: هذا قد نقل، والنقل لا يمنع لكن يستشكل. ويقال: هذا مذهب مشكل.

قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: النقل نوعان:

أحدهما: أن ينقل ما سمع أو رأى.

والثاني: ما ينقل باجتهاد واستنباط. وقول القائل: مذهب فلان كذا، أو مذهب أهل السنة كذا، قد يكون نسبه إليه لاعتقاده أن هذا مقتضى أصوله، وإن لم يكن فلان قال ذلك. ومثل هذا يدخله الخطأ كثيراً. ألا ترى أن كثيراً من المصنفين يقول: مذهب الشافعي أو غيره كذا، ويكون منصوصه بخلافه؟ وعذرهم في ذلك: أنهم رأوا أن أصوله تقتضي ذلك القول فنسبوه إلى مذهبه من جهة الاستنباط، لا من جهة النص؟ وكذلك هذا لما كان أهل السنة لا يكفرون بالمعاصي، والخوارج يكفرون بالمعاصي.

ثم رأى المصنف أن الكفر ضد الشكر، اعتقد أنَّا إذا جعلنا الأعمال شكراً لزم انتفاء الشكر بانتفائها، ومتى انتفى الشكر خلفه الكفر، ولهذا قال: إنهم بنوا على ذلك: التكفير بالذنوب؛ فلهذا عزى إلى أهل السنة إخراج الأعمال عن الشكر.

قلت: كما أن كثيراً من المتكلمين أخرج الأعمال عن الإيمان لهذه العلة.

قال: وهذا خطأ؛ لأن الكفر نوعان: أحدهما: كفر النعمة. والثاني: الكفر بالله، والكفر الذي هو ضد الشكر: إنما هو كفر النعمة لا الكفر بالله. فإذا زال الشكر خلفه كفر النعمة لا الكفر بالله.

قلت: على أنه لو كان ضد الكفر بالله، فمن ترك الأعمال شاكراً بقلبه ولسانه فقد أتى ببعض الشكر وأصله، والكفر إنما يثبت إذا عدم الشكر بالكلية، كما قال أهل السنة: إن من ترك فروع الإيمان لا يكون كافراً حتى يترك أصل الإيمان وهو الاعتقاد (١). ولا يلزم من زوال فروع الحقيقة -التي هي ذات شعب وأجزاء-


(١) هذه العبارة مشكلة، وقد استدل بها البعض على أن شيخ الإسلام لا يرى كفر تارك العمل =

<<  <   >  >>