للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الصدر ابن المرحل: فإن أصحابك (١) قد خالفوا الحسن البصري في تسمية الفاسق كافر النعمة (٢) كما خالفوا الخوارج في جعله كافرا بالله.

قال الشيخ تقي الدين: أصحابي لم يخالفوا الحسن في هذا، فعمن تنقل من أصحابي هذا؟ بل يجوز عندهم أن يسمى الفاسق كافر النعمة حيث أطلقته الشريعة.

قال ابن المرحل: إني أنا ظننت أن أصحابك قد قالوا هذا، لكن أصحابي (٣) قد خالفوا الحسن في هذا.

قال الشيخ تقي الدين: - ولا أصحابك خالفوه؛ فإن أصحابك قد تأولوا أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- التي أطلق فيها الكفر على بعض الفسوق -مثل ترك الصلاة وقتال المسلمين (٤) - على أن المراد به كفر النعمة، فعلم أنهم يطلقون على المعاصي في الجملة أنها كفر النعمة، فعلم أنهم موافقو الحسن لا مخالفوه.

ثم عاد ابن المرحل فقال: أنا أنقل هذا عن المصنف، والنقل ما يمنع لكن يستشكل.

قال الشيخ تقي الدين: إذا دار الأمر بين أن ينسب إلى أهل السنة مذهب باطل، أو يُنسب الناقل عنهم إلى تصرُفهِ في النقل، كان نسبة الناقل إلى التصرف


= فظهر بوضوح تصرف ابن عروة في كلام شيخ الإسلام، وإن كان إنما ذكر في مقدمة نقله أنه إنما اختار مواضع منها، ولم يذكر أنه لخص أو اختصر أو تصرف في الألفاظ، ولكن المتأمل في الموضعين يظهر له بوضوح أن ابن عروة مع اختياره لمواضع من الفتوى فإنه تصرف أيضاً في الألفاظ لتلخيصها واختصارها حسب فهمه، فوقع له الخلل في ذلك، والله اعلم.
(١) يعني: الحنابلة.
(٢) لم أقف على نص مسند عن الحسن البصري رحمه الله في إطلاقه كفر النعمة على مرتكب الكبيرة.
(٣) يعني: الشافعية.
(٤) يعني حديث بريدة الأسلمي عند أحمد (٢٢٩٣٧) والنسائي (٣٤٦) وغيرهما: (إِنَّ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمِ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ) وحديث ابن مسعود عند البخاري (٤٨) ومسلم (١١٦) وغيرهما: (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر).

<<  <   >  >>