للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولى من نسبة الباطل إلى طائفة أهل الحق، مع أنهم صرحوا في غير موضع: أن الشكر يكون بالقول والعمل والاعتقاد، وهذا أظهر من أن ينقل عن واحد بعينه. ثم إنا نعلم بالاضطرار أنه ليس من أصول أهل الحق: إخراج الأعمال أن تكون شكراً لله، بل قد نص الفقهاء على أن الزكاة شكر نعمة المال، وشواهد هذا أكثر من أن تحتاج إلى نقل، وتفسير الشكر بأنه يكون بالقول والعمل في الكتب التي يتكلم فيها على لفظ (الحمد) و (الشكر) مثل: كتب التفسير، واللغة، وشروح الحديث، يعرفه آحاد الناس، والكتاب والسنة قد دلا على ذلك.

فخرج ابن المرحل إلى شيء غير هذا فقال: الحسن البصري يسمى الفاسق منافقاً، وأصحابك لا يسمونه منافقاً.

قال الشيخ تقي الدين له: بل يسمى منافقاً النفاق الأصغر، لا النفاق الأكبر، والنفاق يطلق على النفاق الأكبر الذي هو إضمار الكفر، وعلى النفاق الأصغر الذي هو اختلاف السر والعلانية في الواجبات (١).


(١) لا شك أن أولى ما يُحمل عليه قول الحسن البصري بأن مرتكب الكبيرة منافق، هو النفاق الأصغر دون الأكبر. ولكن قبل أن نفسر مراد الحسن البصري من ذلك، فإن الواجب التثبت فيما نُقل عنه في ذلك، وقد نسب هذا الحكم إليه عدة من المصنفين قديماً وحديثاً، بل وعده بعضهم قولاً مستقلاً في المسألة، وحاول بعضهم تعليله والتدليل عليه، وعده ابن الوزير قولاً مستقلاً قد انقطع وانقرض، بل قد احتج به قوم من الإباضية على تصحيح ما ذهبوا إليه من أن مرتكب الكبيرة منافق، وزعموا بسبب هذه المقالة أنه ليس بينهم وبين أهل السنة خلاف في هذه المسألة، وأنهم تبع في هذا القول للحسن البصري -رحمه الله-، وليسوا على رأي الخوارج كما يتهمهم خصومهم. انظر: الإباضية بين الفرق الإسلامية (ص:٢٤٧) والإباضية في موكب التاريخ (١/ ٩١). وقد حاولت جاهداً أن أقف على أثر مسند إلى الإمام الحسن البصري في ذلك، فلم أجد بعد بحث طويل أثراً مسنداً، ولا نقلاً ثابتاً، فيه النص على أن صاحب الكبيرة منافق، ووجدت أن أول من عزا هذه المقولة إلى الحسن البصري -رحمه الله- هو القاضي عبد الجبار (٤١٥ هـ) في كتابه "المنية والأمل" حيث نقل هذه المقولة من كلام واصل بن عطاء المعتزلي في مناظرة حدثت بينه وبين عمرو بن عبيد، نقلها القاضي عبد الجبار -بغير سند ولا خطام-. ولم أجد أحداً ممن كتب في الفرق والمقالات نسب =

<<  <   >  >>