للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال له ابن المرحل: ومن أين قلت: إن الاسم يطلق على هذا وعلى هذا؟

قال الشيخ تقي الدين: هذا مشهور عند العلماء، وبذلك فسروا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) (١)، وقد ذكر ذلك الترمذي وغيره، وحكوه عن العلماء (٢)، وقال غير واحد من السلف: (كفر دون كفر، ونفاق دون نفاق، وشرك دون شرك) (٣)، وإذا كان النفاق جنساً تحته نوعان، فالفاسق داخل في أحد نوعيه.

قال ابن المرحل: كيف تجعل النفاق اسم جنس (٤)، وقد جعلته لفظاً مشتركاً،


= هذا القول إلى الحسن البصري باستثناء ابن حزم الأندلسي (٤٥٦ هـ) في كتابه الفصل (٧/ ١٢٨) حيث قال: «وروي عن الحسن البصري وقتادة -رضي الله عنهما- أن صاحب الكبيرة: منافق» فرواه بصيغة التمريض ولم يبين من الذي روى هذا القول عنهما، وأما عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق (ص:٢٠٠) فلم ينسب هذا القول إلى الحسن، وإنما نسبه إلى البكرية أتباع بكر بن أخت عبد الواحد بن زيد، وجعل هذه المقولة من أقواله، والخلاصة: أنني لم أقف على رواية مسندة صحيحة كانت أو ضعيفة تثبت ما اشتهر عن الحسن البصري من الحكم على مرتكب الكبيرة بأنه منافق، إلا نصوص عامة في ذم النفاق والمنافقين، ووصف شيء من حالهم، وبيان أنواع النفاق، مما لم يختص به الحسن البصري حتى يُنسب له دون غيره، والله أعلم.
(١) رواه البخاري (باب علامة المنافق) (٣٣) ومسلم كتاب الإيمان (٥٩) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) يريد قول الترمذي -رحمه الله-في السنن (٤/ ٣١٦): «وإنما معنى هذا عند أهل العلم نفاق العمل، وإنما كان نفاق التكذيب على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هكذا روي عن الحسن البصري، شيء من هذا أنه قال: النفاق نفاقان: نفاق العمل، ونفاق التكذيب».
(٣) ومن ذلك قول عطاء الذي رواه عبد الرزاق (٧١٧) وأبو داود في مسائل أحمد (١٣٥٧) وغيرهما، قال: «كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق»، والنصوص عن السلف في معناه كثيرة كما أشار شيخ الإسلام.
(٤) اسم الجنس: قال شيخ الإسلام: «هو الاسم المطلق على الشيء وعلى كل ما أشبهه سواء كان اسم عين أو اسم صفة -جامداً أو مشتقاً- وسواء كان جنساً منطقياً أو فقهياً أو لم يكن» مجموع الفتاوى (٣/ ١٩١).

<<  <   >  >>