للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان اسم جنس كان متواطئاً، والأسماء المتواطئة غير المشتركة، فكيف تجعله مشتركا متواطئا؟

قال الشيخ تقي الدين: أنا لم أذكر أنه مشترك، وإنما قلت: يطلق على هذا وعلى هذا، والإطلاق أعم، ثم لو قلت: إنه مشترك لكان الكلام صحيحاً؛ فإن اللفظ الواحد قد يطلق على شيئين بطريق التواطؤ وبطريق الاشتراك؛ فأطلقت لفظ النفاق على إبطان الكفر، وإبطان المعصية تارة بطريق الاشتراك، وتارة بطريق التواطؤ؛ كما أن لفظ الوجود يطلق على الواجب والممكن عند قوم باعتبار الاشتراك، وعند قوم باعتبار التواطؤ، ولهذا سمي مشككاً (١).

قال ابن المرحل: كيف يكون هذا؟ وأخذ في كلام لا يحسن ذكره.

قال له الشيخ تقي الدين: المعاني الدقيقة تحتاج إلى إصغاء واستماع وتدبر؛ وذلك أن الماهيتين إذا كان بينهما قدر مشترك وقدر مميز، واللفظ يطلق على كل منهما، فقد يطلق عليهما باعتبار ما به تمتاز كل ماهية عن الأخرى؛ فيكون مشتركاً كالاشتراك اللفظي، وقد يكون مطلقاً باعتبار القدر المشترك بين الماهيتين، فيكون لفظاً متواطئاً.

قلت (٢): ثم إنه في اللغة يكون موضوعاً للقدر المشترك ثم يغلب عرف الاستعمال على استعماله، في هذا تارة وفي هذا تارة، فيبقى دالاً بعرف الاستعمال على ما به الاشتراك والامتياز، وقد يكون قرينة مثل لام التعريف أو


(١) سبب تسميته مشككاً؛ أن الناظر فيه يشك فيه هل هو من قبيل المتواطئ، أم من قبيل المشترك. مثال ذلك: اسم الحي فمن نظر إلى أصل الحياة، قال: إنه نوع من المتواطئ؛ إذ الحياة ضد الممات في الأصل. ومن نظر إلى الاختلاف والتباين في حياة المخلوق والخالق، قال: إنه من المشترك، ومن هنا سمي مشككاً. ولهذا يحسن أن يقال عن المشكك: إنه ما اتفق في أصله، واختلف في وصفه. انظر: الفتوى الحموية (ص:٥٢٤) ومصطلحات في كتب العقائد (ص:٢٢٢).
(٢) هذا الكلام وما بعده من كلام الناقل للمناظرة وليس من كلام شيخ الإسلام.

<<  <   >  >>