للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإضافة تكون هي الدالة على ما به الامتياز مثال ذلك: "اسم الجنس" إذا غلب في العرف على بعض أنواعه كلفظ (الدابة) إذا غلب على الفرس قد نطلقه على الفرس باعتبار القدر المشترك بينها وبين سائر الدواب، فيكون متواطئاً، وقد نطلقه باعتبار خصوصية الفرس فيكون مشتركاً بين خصوص الفرس وعموم سائر الدواب، ويصير استعماله في الفرس: تارة بطريق التواطؤ، وتارة بطريق الاشتراك. وهكذا اسم الجنس إذا غلب على بعض الأشخاص وصار علماً بالغلبة: مثل ابن عمرو والنجم؛ فقد نطلقه عليه باعتبار القدر المشترك بينه وبين سائر النجوم وسائر بني عمرو، فيكون إطلاقه عليه بطريق التواطؤ، وقد نطلقه عليه باعتبار ما به يمتاز عن غيره من النجوم ومن بني عمرو، فيكون بطريق الاشتراك بين هذا المعنى الشخصي وبين المعنى النوعي، وهكذا كل اسم عام غلب على بعض أفراده يصح استعماله في ذلك الفرد بالوضع الأول العام فيكون بطريق التواطؤ وبالوضع الثاني فيصير بطريق الاشتراك. ولفظ (النفاق) من هذا الباب؛ فإنه في الشرع إظهار الدين وإبطان خلافه. وهذا المعنى الشرعي أخص من مسمى النفاق في اللغة فإنه في اللغة أعم من إظهار الدين، ثم إبطان ما يخالف الدين إما أن يكون كفراً أو فسقاً، فإذا أظهر أنه مؤمن وأبطن التكذيب فهذا هو النفاق الأكبر الذي أوعد صاحبه بأنه في الدرك الأسفل من النار، وإن أظهر أنه صادق أو موف أو أمين وأبطن الكذب والغدر والخيانة ونحو ذلك، فهذا هو النفاق الأصغر الذي يكون صاحبه فاسقاً، فإطلاق النفاق عليهما في الأصل بطريق التواطؤ.

وعلى هذا؛ فالنفاق اسم جنس تحته نوعان ثم إنه:

١. قد يراد به النفاق في أصل الدين مثل قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء:١٤٥]، وقوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:١]، والمنافق هنا: الكافر.

٢. وقد يراد به النفاق في فروعه، مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: (آية المنافق ثلاث) وقوله:

<<  <   >  >>