للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً) (١)، وقول ابن عمر: فيمن يتحدث عند الأمراء بحديث ثم يخرج فيقول بخلافه: (كنا نعد هذا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- نفاقاً) (٢).

فإذا أردت به أحد النوعين:

فإما أن يكون تخصيصه لقرينة لفظية مثل لام العهد والإضافة، فهذا لا يخرجه عن أن يكون متواطئاً، كما إذا قال الرجل: جاء القاضي، وعنى به قاضي بلده لكون اللام للعهد، كما قال سبحانه: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزَّمل:١٦] أن اللام هي أوجبت قصر الرسول على موسى لا نفس لفظ (رسول).

وإما أن يكون لغلبة الاستعمال عليه، فيصير مشتركاً بين اللفظ العام والمعنى الخاص، فكذلك قوله: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [المنافقون:١]، فإن تخصيص هذا اللفظ بالكافر إما أن يكون لدخول اللام التي تفيد العهد، والمنافق المعهود: هو الكافر.

أو تكون لغلبة هذا الاسم في الشرع على نفاق الكفر، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاث من كن فيه كان منافقاً) يعني به منافقاً بالمعنى العام، وهو إظهاره من الدين خلاف ما يبطن.

فإطلاق لفظ (النفاق) على الكافر وعلى الفاسق إن أطلقته باعتبار ما يمتاز به عن الفاسق، كان إطلاقه عليه وعلى الفاسق باعتبار الاشتراك، وكذلك يجوز أن يراد به الكافر خاصة، ويكون متواطئاً إذا كان الدال على الخصوصية غير لفظ (منافق) بل لام التعريف.

وهذا البحث الشريف جار في كل لفظ عام استعمل في بعض أنواعه؛ إما لغلبة الاستعمال، أو لدلالة لفظية خصته بذلك النوع، مثل تعريف الإضافة أو تعريف


(١) رواه البخاري كتاب الإيمان، باب علامة النفاق (٣٤)، ومسلم، كتاب الإيمان (١٠٦).
(٢) رواه البخاري، كتاب الأحكام، باب ما يكره من ثناء السلطان (٧١٧٨)، وأحمد في مسنده (٥٣٧٣).

<<  <   >  >>