للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأثناء تحرير هذه الأوراق وقعنا على مثال آخر، صلاة الكسوف، والخسوف، هل تصلى حينما يرى المسلمون الكسوف والخسوف، أم حينما يعلم المسلمون به، ولم يروه؟ ظاهر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حديث عائشة عند الصحيحين " إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آياتِ اللهِ، لاَ يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذلِكَ فَادْعُوا اللهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا"، وباقي الألفاظ كلها متقاربة تدور حول رحى "إذا رأيتم ذلك"، أي أن مشاهدة الخسوف أو الكسوف حادثا فعلا بأم أعيننا المجردة، هو مناط الحكم، فإذا لم ير الخسوف أو الكسوف، لم نصل كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره (١)، لا تكذيبا لحصول الخسوف أو الكسوف، ولكن الحكم ومناطه شيء، وحصول الحدث في نفسه شيء آخر.


(١) قال في مجموع الفتاوى (١٦/ ٢٩٨ - ٣٠٠) " .. وَالْعِلْمُ بِوَقْتِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا لَكِنَّ هَذَا الْمُخْبِرَ الْمُعَيَّنَ قَدْ يَكُونُ عَالِمًا بِذَلِكَ وَقَدْ لَا يَكُونُ وَقَدْ يَكُونُ ثِقَةً فِي خَبَرِهِ وَقَدْ لَا يَكُونُ. وَخَبَرُ الْمَجْهُولِ الَّذِي لَا يُوثَقُ بِعِلْمِهِ وَصِدْقِهِ وَلَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ مَوْقُوفٌ. وَلَوْ أَخْبَرَ مُخْبِرٌ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَجْهُولٌ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ وَلَكِنْ إذَا تَوَاطَأَ خَبَرُ أَهْلِ الْحِسَابِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ وَمَعَ هَذَا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى خَبَرِهِمْ عِلْمٌ شَرْعِيٌّ فَإِنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ لَا تُصَلَّى إلَّا إذَا شَاهَدْنَا ذَلِكَ وَإِذَا جَوَّزَ الْإِنْسَانُ صِدْقَ الْمُخْبِرِ بِذَلِكَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فَنَوَى أَنْ يُصَلِّيَ الْكُسُوفَ وَالْخُسُوفَ عِنْدَ ذَلِكَ وَاسْتَعَدَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ لِرُؤْيَةِ ذَلِكَ كَانَ هَذَا حَثًّا مِنْ بَابِ الْمُسَارَعَةِ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادَتِهِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ الْكُسُوفِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ تَوَاتَرَتْ بِهَا السُّنَنُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهَا أَهْلُ الصَّحِيحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ... ا. هـ. ِ) الفتاوى.، وبه أفتت لجنة الفتوى التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت انظر مجلة الوعي العدد رقم: ٤٩٣، تاريخ ٢٣/ ١٢/٢٠٠٦، وجاء في الموسوعة الكويتية "
ولو حال سحاب، وشكّ في الانجلاء صلّى؛ لأنّ الأصل بقاء الكسوف. ولو كانا تحت غمام، فظنّ الكسوف لم يصلّ حتّى يستيقن، وقال المالكيّة: إن غاب القمر وهو خاسف لم يصلّ. وإن صلّ ولم تنجل لم تكرّر الصّلاة، لأنّه لم ينقل عن أحد، وإن انجلت وهو في الصّلاة أتمّها؛ لأنّها صلاة أصل، غير بدل عن غيرها؛ فلا يخرج منها بخروج وقتها كسائر الصّلوات) مجلد ٢٧: صلاة الكسوف، وفي روضة الطالبين للنووي ١/ ١٧٥ (ولو كانت الشمس تحت غمام فظن الكسوف لم يصل حتى يستيقن. قلت قال الدارمي وغيره ولا يعمل في كسوفها بقول المنجمين والله أعلم.)، وقال في الفروع (وَيُعْمَلُ بِالْأَصْلِ فِي بَقَائِهِ وَوُجُودِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ، وَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ) ٣/ ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>