للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسخر بالقرآن فاستعار رؤيا يوسف عليه السلام لنفسه، وطعن في نوح عليه السلام فجعله رمزا للجبن والهروب لما ركب السفينة (١) وقد طفح ديوانه باستعارة الرموز والشعارات الوثنية والنصرانية (٢)، ويستعمل عقائد النصارى كقوله: (لا تقولوا: أبانا الذي في السموات، قولوا: أخانا الذي أخذ الأرض منا وعاد هو الآن يعدم) (٣) وسبح بحمد غير الله تعالى في مواضع من ديوانه (٤) وسخر بالقدر وشتمه، وأنكر الخلق (٥) ومن أخريات مقالاته القبيحة مقال كتبه في إبريل٢٠٠٨ في المجلة الثقافية، التي تصدر عن الجامعة الأردنية عنوانه (عن المنفى) قسّم فيه المنفى إلى داخلي وخارجي، وقال: (المنفى الداخلي هو غُرْبَة المرء عن مجتمعه وثقافته، وتأمُّلٌ عميق في الذات، بسبب اختلاف منظوره عن العالم وعن معنى وجوده عن منظور الآخرين، لذلك يشعر بأنه مختلف وغريب، وهنا لا تكون للمنفى حدود مكانية. إنّه مقيم في الذات المحرومة من حريتها الشخصية في التفكير والتعبير) وهذا النص اعتراف واضح أن نظرة هذا الزنديق للحياة والوجود والحكمة من خلق الخلق غير نظرة المجتمع الفلسطيني المسلم، فنظرته إلحادية تنكر الغيب والخلق.

ويوضح ذلك قوله أخزاه الله تعالى: (المنفيّ هو اللامُنتَمي بامتياز. لا ينتمي إلى أي مكان خارج ذاكرته الأولى. تصبح الذاكرة بلاداً وهُوية، وتتحوّل محتوياتُ الذاكرة إلى معبودات.

باعتبار الوجود الإنساني كلّه شكلاً من أشكال المنفى، منذ أن عوقبنا نحن أحفاد حواء وآدم بالتاريخ!)

تنبيهات مهمة:

بعد معرفة حقيقة هذا الشاعر الهالك (محمود درويش) فإني أنبه على أمور مهمة:

أولا: إذا كان الزنادقة والمنافقون ومن في قلوبهم مرض في بلاد المسلمين يرون أن من حقهم أن يُعجبوا بمن شاءوا من ملاحدة وزنادقة العرب والعجم؛ أخذا بالحرية الليبرالية الغربية التي اتخذوها دينا لهم؛ فليس من حقهم -حتى في باب الحرية التي ارتضوها- أن يكذبوا على الأمة ويدلسوا على الناس، ويخفوا كفريات هذا الزنديق؛ لأن جمهور الأمة المسلمة لا يرضون بهذا الخبال والضياع والإلحاد، ولا يقرون مدح من اتصف به.

ثانيا: أن النفاق ملة واحدة كما أن الكفر ملة واحدة؛ فأغلب المؤبنين لدرويش في الصحف العربية هم من الليبراليين، ودرويش ماركسي جلد، والليبراليون أعداء للماركسيين.

كما أن مهمة الصحافة الليبرالية تسويق المشاريع الاستعمارية الصهيونية والرأسمالية، ودعوة الشعوب العربية وحكوماتها إلى الانبطاح والاستسلام لهذه المشاريع، ومحاربة من رفضها أو قاومها سلما أو حربا، ولطالما حاربوا الإسلاميين والقوميين لأنهم ينحازون إلى الأمة وقضاياها، ويرمونهم بالجهل والتخلف والأدلجة وغير ذلك من المصطلحات التي يخترعونها.

وهم يصفون شاعرهم بأنه ثوري كرس نفسه للقضية الفلسطينية، فكيف قَبِلوا ذلك منه وهو يتناقض مع دعوتهم الاستسلامية؛ لولا أنهم يتفقون معه في ثوريته على تراث الأمة، وتمرده على أصولها ومسلماتها، وطعنه في ربها تعالى، ورسله عليهم السلام، وسخريته بالدين، وهذا هو القاسم المشترك بين شاعرهم الماركسي وبين ليبراليتهم.

ثالثا: ظهر في الأمة من الخير العظيم ما يبشر -إن شاء الله تعالى- بيقظة فكرية تقاوم الأفكار المنحرفة وأصحابها؛ فالمقالات التي بينت حقيقة هذا الشاعر حال العلم بهلاكه تتزايد على الشبكة العنكبوتية، ويكثر قراؤها وزوارها والمعلقون عليها، مما يبشر بفضح المنافقين، وهتك أستارهم للمسلمين.


(١) انظر: ديوانه ٧٧ - ١١٦
(٢) انظر على سبيل المثال في ديوانه: ٤٠ - ٦٤ - ١٠٤ - ١٧٢ - ١٧٤ - ٢٢٨ - ٢٤٠ - ٣٢٢ - ٣٤٩
(٣) ديوانه ص٢٣٧ - وأيضا٤٠٣
(٤) انظر: ديوانه:٧٣ - ٨٦
(٥) ديوانه ص٨١

<<  <  ج: ص:  >  >>