خامسا: ما نضح به الإعلام والصحافة من جرأة على تمجيد زنادقة العصر والاحتفاء بهم يدل على حاجة الأمة إلى إحياء الولاء للمؤمنين، والبراءة من الكفر وأهله، كما يدل على أن هذا الركن الركين من الدين في حالة تقهقر وتراجع عند كثير من الناس، ويود المنافقون والمرتدون لو انتزعوه من قلوب الناس، ومقالات عدد منهم تصرح بذلك، وتدعو الناس إلى عدم التفرقة بين المسلمين والكفار، واستبدال المصطلحات الشرعية بمصطلحات حادثة مبتدعة كالآخر والتعايش السلمي، ووحدة الأديان السماوية أو الإبراهيمية، والأخوة الإنسانية أو الوطنية، وقد قال الله تعالى {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِالله وَاليَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}[المجادلة:٢٢].
وكثيرا ما رأينا من زنادقة العصر جرأة في معاداة العلماء والدعاة والمصلحين مع إعلان الولاء للكفار والمرتدين، وهذا يوجب تكاتف الدعاة والعلماء والمحتسبين ليردوا هجمات هؤلاء المجرمين عن الإسلام وشريعته.
سادسا: العتب كل العتب على التيارات الإسلامية الفلسطينية حين شاركت المزورين في نياحتهم على هذا الزنديق الهالك، وجاملت في سبيل الوطن أو السياسة على حساب دينها وعقيدتها التي كانت ولا زالت هي مصدر قوتها وتأييد الشعب الفلسطيني المسلم لها، فأين الولاء للمؤمنين؟ وأين البراءة من الزنادقة والمارقين؟
وإن مجاملة ملاحدة العرب وزنادقتهم والمرتدين منهم ليست أقل خطرا من الارتماء في أحضان الصهاينة وأذنابهم، والانتصار على العدو الصهيوني لن يأتي بالمداهنة في دين الله تعالى. وأهل الكفر والنفاق يفرحون بهذه المداهنة والملاينة من التيارات الإسلامية؛ لإماتت الغيرة والحمية الدينية في قلوب أتباعها، وإسقاطها في الحفر المظلمة للسياسات الملتوية، والله تعالى يقول في المنافقين {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً}[النساء:٨٩] وقال سبحانه في الكفار {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}{القلم:٩}
سابعا: منذ سنوات كثيرة وأنا أتعجب كثيرا ممن يُسمون بالأدباء الإسلاميين، ومنسوبي رابطة الأدب الإسلامي، والمتخصصين في الأدب والشعر من الهواة والأكاديميين في الجامعات والتعليم العام وغيره وهم يبلغون المئات، أين هم عن رد جهالات هؤلاء الشعراء المارقين، وفضح الزنادقة والمرتدين، وبيان حقيقتهم من دواوينهم وكتبهم ومذكراتهم ومقالاتهم ومقابلاتهم؟! فهم أهل التخصص والتذوق الأدبي، وهم أقدر على فك رموز الحداثيين وطلاسمهم، ويفهمون مراد هؤلاء الشعراء المنحرفين أكثر من غيرهم؟ ما فائدتهم؟ وما ثمرة تخصصهم ورابطتهم إذا لم تكن لنصرة الدين في ذات التخصص، ورد طعون الزنادقة من الشعراء والأدباء؟ مع أن من أهداف دراستهم للأدب الإسلامي حماية ذوق الأمة الشعري الأدبي، وتنقية الأدب والشعر من الانحراف، وإلا لما سُموا بالأدباء الإسلاميين، ثم لا نرى منهم سوى التنظير والتأصيل للأدب الإسلامي، وأما من يقومون بفضح زنادقة القلم والأدب والشعر والاحتساب عليهم فهم أهل التخصصات الشرعية!! وهذا الثغر ثغر أهل الأدب الإسلامي، وثغرُ كل من فيه غيرة على الدين والحرمات من المتخصصين في الأدب والشعر، والقادرين على الكتابة والنقد، فلماذا يتركونه لغيرهم مع مسيس الحاجة إليهم؟!
إننا في أمس الحاجة إلى أمثال محمود شاكر ومحمد محمد حسين ومحمد مصطفى هدارة وأنور الجندي عليهم رحمة الله تعالى، حين قارعوا زنادقة عصرهم بسلاحهم، وانبروا لهم في مجالاتهم الأدبية، وكشفوا زيف دعاواهم، وحذروا الأمة من شرورهم.