وقد وصل الأمر بالبعض إلى إلغاء الحقائق المعلومة من الدين والواقع تجاه مخالفة ظاهرة، كمخالفات فرقة كـ"الصوفية" مثلاً .. تحت تأثير بعض هؤلاء "الدعاة الجدد" من التيار الصوفي!! وأحيانا يعطي "الدعاة الجدد" صورة مشوهة عن العلماء والدعاة والفقهاء، وانطباعا عن توجه ناقد لهم .. باعتبار أنهم متشددون أو أنهم مختلفون أو غير مواكبين للحياة العصرية اليوم!!
٢) دور بعض أهل العلم والفتيا في تتبع الرخص والتوسع في التسهيل:
إن البداية تكون بفتاوى تيسر على الناس وترخص لهم في بعض المسائل، وشيئا فشيئا يتولد عند هؤلاء الأتباع فقه مبني على تتبع الأقوال والاجتهادات الموافقة للهوى، وإذا كانت إرادة الفقيه من التيسير تقريب الناس من الدين وتحبيبه إليهم .. فإن النتيجة تكون بابا يخرج منه الناس من الدين .. وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً!
يقول أحمد زين: إن "البراح في المساحات الفقهية للعلماء الذين ينتهجون التيسير والتسهيل على المسلمين؛ أوجد -عند هؤلاء المتدينين- رأيا متساهلا في كل قضية فقهية، وأنه لا جناح عليهم في انتهاجه؛ فهو رأي فقهي معتبر من عالم معتبر". بتصرف؛ ويضيف:"وأنا أرى أن ظاهرة القص واللصق من الفتاوى والاجتهادات تجري على أشدها لإكساب المشروعية لكثير من الأفعال التي درج الشباب عليها؛ فبدلا من أن يتنازل عن عادات ما قبل التدين إذا به يحاول أن يجد لها مبررا شرعيا محترما". مرجع (٤)
وهذا القول لأحمد زين جاء من استقراء: فـ "من خلال فتاوى المرأة على موقع "إسلام أون لاين. نت" نستطيع أن نرسم صورة لحركة المرأة في المجتمع؛ فهي تصافح ابن عمها أو ابن عمتها عند الضرورة (فتوى: مصافحة الرجل للمرأة .. الحكم والضوابط، د. القرضاوي)، وهي تقابل مطلقها لأغراض شريفة (هل يجوز للمرأة المطلقة أن تتقابل مع من طلقها بعد الطلاق لأغراض شريفة؟ د. القرضاوي)، وتستطيع أن تتابع رياضيين يرتدون الشورت (فتوى: ضوابط النظر بين الرجل والمرأة، د. القرضاوي)، كما أنه لا بأس أن ترقق المرأة حاجبيها (فتوى: ترقيق المرأة حواجبها، الشيخ عطية صقر)، وتستطيع أن تخطب لنفسها من أرادت (فتوى: ما حكم أن تخطب المرأة الرجل؟ د. علي جمعة)، ويجوز أن تضع العطر الخفيف (فتوى: حكم وضع المرأة للعطر، الشيخ عطية صقر)، وهي تخدم الضيوف (فتوى: خدمة الزوجة للضيوف، عطية صقر)، كما يجوز لها ركوب الدراجة (فتوى بدون اسم مفت)، كما يجوز لها العدو في الشارع (فيصل مولوي)، كما يجوز لها قراءة القرآن أمام الرجال (فتوى: د. نصر فريد واصل) ... إلخ"!!
وهذه الفتاوى تستند في غالبها إلى دليل شرعي أو قاعدة شرعية أو قول سابق، وصادرة عن أشخاص منتسبين للفقه، لكنها في الحقيقة فتاوى تأخذ بالأقوال الشاذة والأدلة الضعيفة أو المرجوحة، وتفترض في بيئة المستفتي أنها محافظة .. سليمة من الفتن!
وتشكل عند الجمهور المتساهل منهجا مبيحا للمحرمات، التي هي دون الكبائر المعدودة على أصابع اليدين!! ويقابل هذه الفتاوى المتساهلة:"إلحاح الدعاة الجدد على الرجاء ورحمة الله وغفران الذنوب مهما كانت، وهي مساحة لا شك فيها ولا إنكار لها، إن الإلحاح عليها كأنها المسار الوحيد .. والخيار الفذ أوجد خللا لدى المتعرضين لهذا الخطاب، ووجههم إلى مزيد من الجرأة على الحرام مع التأكد من مغفرة الله لهم، وكذلك من تركيز بعض الدعاة الجدد على مسألة أعمال القلوب وأهميتها والتقليل من شأن أعمال الجوارح والسلوكيات والأخلاق". مرجع (٤) بتصرف