إن تعدد مصادر التلقي ووسائل الإعلام المتنوعة قدمت للشباب الراغبين للالتحاق بالصحوة قدرًا وافرًا من الاختيارات البديلة؛ وهو ما أدخل عناصر أخرى ساهمت في توجيههم وتشكيلهم، وغيرت مسار توجههم على خلاف الحقيقة أحيانا كثيرة، فقد أصبحت برامج الفضائيات تشكل أكبر رافد لتكوين أفكار "المتدينين الجدد" وثقافتهم الدينية، وبحكم سنهم وانفتاحهم على الإنترنت والفضائيات أصبحوا يتلقون المفاهيم والتصورات والآراء والاستشارات والسلوكيات منها، وحيث أن دعاة "المتدينين الجدد" ينفذون من هذه الوسائل والقنوات إلى جمهورهم فإنهم بلا شك يصنعون قاعدة عريضة من هذا التيار! ويبنون علاقتهم مع المتلقين عنهم بأسلوب التفاعل الحي والتواصل المباشر والحوار الثنائي -وهي أساليب محببة وجذابة لكثير من جيل اليوم- لا على التلقي والتوجيه! كما هو معتاد!
٤) السياسات الحكومية:
إن من أهم أسباب ظهور "التدين الجديد" هي تلك الحرب الإعلامية والدعائية التي مورست ضد "التدين الأصيل" في الصحوة، والذي يحتكم إلى الكتاب والسنة وفهم الصحابة والقرون المفضلة الأولى في الإيمان والاتباع، وهو المسمى بالتوجه السلفي!
وهو ما شكل حاجزا نفسيا بين الناس وبين هذا الشكل من أشكال التدين المعروضة على الساحة! إضافة إلى ذلك، السياسات التي تتبنها بعض الدول لتضيق الخناق بها على المتدينين عموما، وتحرمهم من ممارسة حقوقهم الخاصة حتى في ظل الأنظمة الديموقراطية زورا!! تدفع بالبعض إلى البحث عن رخص الفتاوى في مقابلة البطش والتعذيب الذي قد تتعرض له.
تقول الباحثة سنية المنصوري:"إن الصراع الذي شهدته تونس خلال عقد التسعينيات، بين النظام والحركة الإسلامية، قد أضر في حينها بوضع الالتزام الديني لدى التونسيين عامة، على الرغم من أن عددا كبيرا من أبناء المجتمع التونسي كانوا ملتزمين من الناحية الدينية، لكنهم لم يكونوا أعضاء في حركة أو جماعة إسلامية. وكان تقرير الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان السنوي عن عام م قد تحدث عن الحملات الأمنية والإدارية ضد المحجبات التونسيات، وجاء فيه أن العديد من المحجبات تعرضن إلى المضايقات في الشوارع أو أماكن العمل، وتم تجريد العديد منهن من الحجاب عنوة في بعض مراكز الأمن بالعاصمة، وإجبارهن على التوقيع على تعهد بعدم العودة إلى ارتداء الحجاب.
كما أن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان كانت قد ذكرت في ٢٨/ ٥/٢٣م أن عددًا من طالبات التعليم الثانوي مُنعن من اجتياز امتحانات نهاية العام بسبب ارتدائهن للحجاب. يذكر أنه في عام ١٩٨١م أصدرت السلطات التونسية قانونا يعتبر الحجاب زيا طائفيا. ومنذ ذلك الحين والحكومة تلتزم بهذا القانون، إلا أنه تم التشديد على منع المحجبات من دخول الجامعات والإدارات الحكومية منذ مطلع العقد الماضي، وهو ما أثار انتقادات واسعة في الداخل والخارج، خصوصا من جانب المنظمات الحقوقية التي ترى في منع الحجاب والتضييق على المحجبات تدخلا في الحرية الشخصية للمواطنين". مرجع (٢)