ويضيف:"ثانية هذه الملاحظات العابرة حول التأثيرات أيضا: التعامل مع الفنون؛ فالقطاعات الشبابية داخل الحركة الإسلامية أصبحت تتعامل مع الفنون بقوة؛ بل أصبحت بعض التزكيات داخل الحركة توصي بمشاهدة بعض الأفلام السينمائية والأعمال المسرحية، وكثيرة هي النقاشات حول الأعمال الفنية حتى الهوليودية منها داخل مواقع الإنترنت، وساحات الحوار المتعلقة بالحركات الإسلامية". مرجع (٣)
ويؤكد الكاتب:"إن تدين بعض أفراد هذه الطبقة لا بد أن يغير -في ظني- خريطة الحركة الإسلامية واهتماماتها؛ فهؤلاء الأفراد لهم قدرات وطاقات ومهارات مختلفة كثيرا عن مهارات الأجيال التي يمكن أن نقول: إن الحركة الإسلامية قد تمرست في التعامل معها". مرجع (٣)
إن لهذا التيار زخمه الدعائي وحضوره الإعلامي، وهو سيشكل بالطبع تحديا أمام العلماء والدعاة في رد الناس إلى " التدين الصحيح "، وقد يشغل الساحة مرة أخرى في الحديث بقضايا فقهية ومسلمات عقائدية وآداب اجتماعية -تجاوزت الدعوة معالجتها! - لصالح الرؤية التي يقدمها! وسوف يعطي هذا الجو من التدين لضعفاء النفوس، والذين قال الله فيهم في سورة الأحزاب:"فيطمع الذي في قلبه مرض"! فرصة للاستفادة من هذه المظاهر واستغلالها في الحرام! وتطبيع " خطوات الشيطان " في نفوس الشباب والشابات! إن ما يقوم به "المتدينون الجدد" -من الجهود المتناثرة- لن يكون في أحسن أحواله مشروعا نهضويا للأمة! طالما وأنه ينحرف بقيم الدين وأحكامه ليطابقها ويطبعها مع المناهج الأرضية! ولن يكون بديلا عن العلاج العقائدي المرتكز على التوحيد والإيمان والاتباع! والواجب على هؤلاء الرجوع إلى مرجعية الأمة من العلماء والدعاة الذين عرف عنهم تحري الحق واتباع الدليل وسلوك جادة الصواب.
ولهم على العلماء والدعاة النصح والتوجيه والمساندة والتعاون معهم في الخير والإحسان. وبعيدا عن تشاؤم البعض من مصير هذا التيار، فإن الواجب أن لا يبخس الناس حقهم ولا تغمط مواهبهم وقدراتهم، فالاستفادة من هذا المخزون الضخم من هؤلاء الشباب هو في صالح الأمة والدعوة معا! مع مراعاة أنهم بحاجة إلى حكمة في التعامل، وبلاغة في الأسلوب، واعتراف لأهل الفضل بفضلهم! وهنا كلمة جميلة أسجلها للكاتبة "نهى الإبياري" وهي تتحدث عن هذه الظاهرة: "إن علينا أن نتعلم أن نحب الأشخاص ونؤمن بالأفكار؛ لأننا عندما يختلط علينا الأمر فنؤمن بمن نحبهم ننسى أنهم بشر خطاءون، وعندما يسقطون نسقط معهم ويسقط ما آمنا به من أجل سواد عيونهم.
الذي يحدث: أننا ننسى هل آمنا بما يقولون لأننا أحببناهم، أم أحببناهم لأننا آمنا بما قالوا، والفرق جد كبير". وهي تتفق مع الأثر المروي عن الإمام علي رضي الله عنه:"إعرف الحق تعرف أهله"! وختاما، فإنه يجب أن يبقى السؤال، الذي حاولت أن أجيب عنه: هل سيؤدي " التدين الجديد " إلى تمرير ثقافة التغريب في مجتمعاتنا؟، محل لاهتمام ورصد المتابعين للظاهرة!
نماذج من الدعاة الجدد:
- عبد الله جيمنستيار:
داعية إسلامي من إندونيسيا، يبلغ من العمر ٤٢ عاما، بدأ الظهور على شاشة التلفزيون منذ عدة أعوام، لكن شعبيته تصاعدت في وقت قصير جدا؛ ليزيد جمهوره عن ٦ مليون شخص يتابعون محاضراته الأسبوعية عبر التلفزيون، إضافة إلى شرائط الكاسيت وأفلام الفيديو والكتب، وقد وصلت شعبيته إلى حد أن يصبح ثمن الساعة الواحدة التي يقدمها من البث التلفزيوني إلى ١٠٠ ألف دولار، وذلك بحسب جيمنس تيار نفسه. وهو يمتلك ١٨ شركات، من بينها قناة فضائية، ومحطة راديو، ودار نشر، واستوديو تسجيلات، ووكالة إعلان، ومكتب سياحة، تحقق واحدة فقط من شركاتها مكسبا يصل إلى أكثر من ٣٠٠ ألف دولار شهريا.