قلة تذكر الآخرة، وعرصات القيامة والاستعداد للموت، ولو تمعن كل منا في موقف من مواقف الآخرة من حين تبدأ بالموت وسكراته، وحتى الاستقرار الأخير في الدراين لأعد للسؤال جواباً، ولأمعن النظر، وأوجد الحل، وبحث الطريق، وأيقن بقرب الرحيل.
ولقد أحسن من قال:
واذكر الموت تجد راحة في
ادكار الموتِ تقصير اللأملْ
روى أبي بن كعب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال:" اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه ". رواه أحمد والترمذي والحاكم بسند صحيح.
إن في زيارة المؤمن للمقابر، وإتيانه إليها، وتدبر آيات الآخرة، والنظر في أحاديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في البعث والنشور، والصراط والحساب، تزيد من إيمانه، وتوثق جنانه بالخالق، وتستجيب أركانه لداعي الحق، وباعث الإيمان.
ضمور الإخلاص. ختمت به وهو أعظم ما يُمكن أن يُلتزم به، وأسمى ما أمر به الله العبد، قال الله سبحانه:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}[البينة:٥]. وحسبي أني لست بأهل للحديث عن هذا المعنى الرباني، الذي يجعل من سكنات وحركات المؤمن عبادة خالصة للحق سبحانه، وأيم الله لقد فاز من اعتنى بقلبه، ولازم طلب الخلوص من الشرك، والإخلاص هو منشأ المحبة والخوف والرجاء، والصدق والتوكل وكل خير ينبض به قلب المؤمن. صح عن مسلم في الحديث القدسي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه "، وإن من لم يكن الإخلاص مطيته نفد به الوقود وخلص الزاد في طيات الطريق، وكل عمل مهما كبر صغر فيه الإخلاص فهو صغير، وكل عمل مهما صغر ولكن كبر فيه الإخلاص فهو كبير، ورحم الله ابن المبارك حين قال:(رب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية)، وقال أحدهم: أخلص تتخلص. وسُئل سهل بن عبد الله التستري: أي شيء أشد على النفس؟ قال: الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب. صفة الصفوة (٤/ ٦٥).
ثانياً:(الأسباب المجتمعية [الخارجية])
سيادة الباطل، واستفحال الباطل وأهله، وهو جزء من الانهزامية النفسية.