ضغط بيئة الأسرة وهم الزوجة والأقرباء، والبيئة المجاورة كالصديق ونحوه، وربما كان منشؤه الغيرة، أو حتى التعتيم الإعلامي السيئ للمصلحين، فيستسلم لهذا الضغوطات ويكون أسيراً لها، وربما اُستخدمت تجاهه أصنافاً من الوسائل في سبيل تخليه من قيمه، ولا أدل من قصة مصعب بن عمير- رضي الله عنه- حين أرادت أمه أن ينكص من الإسلام وبذلت حتى روحها في سبيل ذلك، ولذا فإن من جاهد نفسه، وواظب على دعوتهم والبعد عن مصادمتهم، وبحث سبل الهداية لهم بعيداً عن الانهزامية والتخاذل سيجد نتائج ريما إيجابية صرفة، قال سبحانه:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}[طه١٣٢]، وحتى الأصدقاء والزملاء ربما لا يضطر أن يواصل معهم الغدوة والروحة إذا لم يحترموا رأيه، ويقدروا شخصه، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)) رواه أبوداود والترمذي. ونعلم من البعض وهو لازال في بداياته قد شرع في دعوة أصدقائه وخلانه قبل أن ينقذ نفسه بدءاً من بعض العوالق الباقية، فانتكس قبل أن يهدي واحداً منهم، وأحدهم ظل في مجتمع أقربائه المليء ب (الكيد للمصلحين والأخيار) مسامراً، ومؤاكلاً ومشارباً، وهو يخبرني بذلك حتى بلغ الحد أن أصبحوا يمارسون المعاصي علانية وهو موجود، ويهزؤون به، ووصل بالأمر أنه أبدا لهم انزعاجه فأخرجوه بكل استهتار وهم في مجلس واحد دون حتى الأخذ بخاطره فيما بعد.
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على القلب من وقع الحسام المهند
ولو بقي من مضار المكث مع أصحاب المعصية، ومجالستهم التطبع على أخلاقهم لكفت، ولذا حذر الله من ذلك فقال سبحانه:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[الأنعام:٦٨].
التضييق على أهل الحق، وإقصاؤهم من بعض المهام والوظائف، بل يعيش بعض الأخيار الغربة في أماكن العمل، والمجتمع، وهذا لا يختلف مع سابقه، وبالتالي فإن البعض تنازل عن مبادئه جراء السلامة من هذه المكائد، والوصول لمطامع الدنيا.
النفوذ الصحافي الليبرالي والهجمات الشرسة على الشريحة الملتزمة، وربما ساهم في التفلت من شعائر الهداية، وقد أصبحت بعض المصطلحات الرائجة اسماً لاصقاً لمن ظهرت عليه سيما الهداية مثل (وهابي- إرهابي- رجعي- سلفي، أتباع التيار ديني ... )، وإن كان البعض من الملتزمين قد يوافق على بعضها، لكن غياب مفهومها من غيرهم قد يسهم في تضرمه منها، وإبدال صورته الإسلامية بأخرى تجعله (وسطياً) كما زعموا.
ثالثاً:(الأسباب الخاصة بالمربين)
الاستعجال في التصدير، والحكم على الأشخاص قبل التبين. بل ربما المباهاة بهم ورفعهم على أكتاف غيرهم ومثل ما قال الأول (تزبب قبل أن يتحصرم)، وهذا عادة يُنشء الاكتفاء المبكر على الذات، والشروع في العطاء قبل الأخذ، ونقد الآخرين واستنقاصهم.
الضعف العلمي والتربوي وانتقاله عبر الأجيال، واعتقاد بعضهم الكمال العلمي والتربوي.