سوء الاهتمام بالفرد، وعدم الصبر عليه. وإن الاهتمام لابد وأن يشمل الجوانب التي تجب على المربي تجاه من معه من متابعة، وتقويم، والعناية العلمية والدعوية، والسلوكية، والاجتماعية، وبحث الخطط العملية في ذلك، واستشرافها من ذوي الاختصاص والخبرة. والعمل على صقل مواهب الفرد، وتوفير القنوات المناسبة لإبرازها وترقيتها، فالمنبر للملقي، والورقة للكاتب، والإعلام للصحفي والمذيع، والبحث والقراءة للمؤلف والناقد، وكافة المهارات والمواهب.
ضعف البصيرة بالواقع، وسوء مجاراة برامجه للواقع المعاصر، فنجد البعض لازال عطاؤه منذ سنين عديدة هو ذات العطاء، وذات المادة والمحتوى، وذات الوسيلة، وربما أسقط التهم وضعف الفائدية في الجديد والمفيد. أقول إنا في عصر العولمة، عصر الفيس بوك والتويتر، عصر البرودباند والأجهزة الذكية، عصر الفكر والثقافة فلابد أن تجاري البرامج والعطاءات هذه المفاصل، ولا يُستغنى عن الأصل والمبدأ، مع توظيف الحديث، والإفادة من الجديد.
قلة الفهم والوعي بالتربية لاسيما بالطرق المناسبة للتعامل مع من أصابه الفتور، أو من انتكس.
الانهزامية النفسية أمام بعض الفتن والمآزق.
فرض السيطرة والتحكم المركزي، والاستعباد السلوكي والعلمي للفرد.
امتهان شخصية المتربي وإهمال الحاجات النفسية والعاطفية كالحاجة للحب والتقدير وإعطاء الثقة في النفس، والبعد عن إشباعها والعناية بها، والعكس صحيح في وجود التدليل والسكوت عن الأخطاء وإرجاء عمل الحلول لها بهدف تحبيبه وعدم مجابهته مبكراً، وكل ذلك يُفضي إلى تدهور إيمان المتربي، وسقوطه - والعياذ بالله-، ولاغرو أن يسجل المربي الأول في ذلك رقماً سابقاً، عن عثمان- رضي الله عنه- قال: إنا والله قد صحبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر والحضر، وكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير، وإن أناساً يعلموني به، عسى ألا يكون أحدهم رآه قط. رواه أحمد وحسنه أحمد شاكر. وموقفه عليه الصلاة والسلام مع أخي أنس الصغير حين سأله عن طائره النغير، ومع جابر حين سأله عن زوجه، بل كان النبي -عليه الصلاة والسلام- سائلاً وعالماً بأحوال أصحابه، وهذا قائد إلى القرب منهم والشعور بحاجاتهم.
سقوط بعض القدوات ورجال العامة فيما كانوا يدعون لنبذه ومعاداته، بل أصبح التمييع في بعض المسلمات، والانفتاح غير المنضبط هوية البعض، وهذا وإن كان لا يمثل ظاهرة، وربما كان بعضهم لا يقصد به تراخياً وتنازلاً أقصد القدوات إلا أن بعض المتأخرين أسقطوا ذلك على مسايرة الواقع، والفهم للعصر الحاضر، وحين تبحث عن عشرة أحاديث صحيحة في جعبة بعضهم مقارنة بأولئك فلا تكاد تجد نصفها.
أقول والحديث هنا عن المربي، لزوماً ألا ينبري لمهنة التربية والتي هي حرفة العظماء لإخراج العظماء إلا من انطبقت عليه ملامح وخصال المربي، وليست مهنة عادية، بل هي من أعظم المهن حيث أنها تقوم على أعظم الخلق، يقول محمد قطب، وهو يتحدث عن المربي:(ولكنا هنا ونحن نتحدث عن المربي، نشير إلى هذه البديهية، وهي أن من يعجز عن القيادة لا يصلح للتربية، ولو كان في ذاته شخصاً طيباً مشتملاً على كل جميل من الخصال .. وليس كل إنسان طيب الخصال قادراً على القيادة ولا الزعامة، ولا مطالباً بها كذلك! فهي أصلاً موهبة لدنية، تصقلها التجارب وتزيدها مضاء وقدرة، ولكنها لا تنشئها حيث لا تكون!).منهج التربية الإسلام (٢/ ٤٨).
(معينات على تجاوز المرحلة)
مع معرفة الأسباب يظهر لنا العلاج بفعل خلافها، وقد وردت بعض الحلول حيال ذكر الدافع، ويُزاد على ذلك ما يلي: