٤ - ردة الفعل على المواقف الموتورة من الإسلام: المواقف التي تظهر بين الحين والآخر ضد الإسلام والمسلمين، سواء كانت رسمية أو من جهات مؤسساتية، وسواء كانت ظاهرة مكشوفة أو مخفية، وآخرها محاولة حرق المصحف في أمريكا، هذه المواقف زادت المسلمين حرصاً وتفانياً على دينهم، وجعلتهم ينتبهون إلى شيء لم يحسبوا حسابه، وهذا مما أدى إلى الرجوع إلى هويتهم وثقافتهم وحضارتهم. وإن إصرار طفلة في فرنسا على ارتداء الحجاب وتحديها للسلطات الفرنسية ليعد حدثاً قوياً، وهذا التأييد الأعمى للصهيونية من قبل أمريكا والغرب وهذا الاحتلال لبلاد المسلمين، مما زاد في التحديات التي تصقل شخصية المسلم، وتعيده إلى الواقع الحقيقي لمجرى الأحداث، وليفكر كيف تكون الحلول المناسبة. نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية مقالاً بعنوان (بوش والحرب) ذكرت فيه أن الرئيس الأمريكي كان متأثراً بدوافع دينية تجاه المشرق الإسلامي، وهو يبدأ نهاره بقراءة من كتاب (مختارات دينية) وقد أصبح معلوماً أن أحد أسباب تأييد رئيس الوزراء البريطاني (توني بلير) للحرب على العراق هو الدين. لا يتجرأ إعلامي في الغرب على تفسير الكتب المقدسة لدى البوذي أو اليهودي مثلاً، ولكن كل إعلامي أو سياسي هناك لديه الجرأة على أن يفسر الإسلام، بل ويفسره حسب أهوائه للمسلمين؟! كل هذا مما ساعد على اتضاح الصورة أمام المسلمين ليكونوا على بينة من أمرهم، هذا مع وجود من يرى أن السبيل الصحيح هو الحوار القائم على التفاهم واحترام خصوصيات المسلمين، وهم قلة، وهذا مما دعا وزير الثقافة الفرنسي ليعتذر للشعب التونسي عن تأييد حكومته للديكتاتورية التي كانت تحكم تونس سابقاً.
٥ - الإعلام: عندما ظهرت قوة الإعلام في السنوات الأخيرة تخوف بعض الناس من هذا التطور الجديد، وذلك لأن هذا الإعلام إخطبوط كوني يمتص كل شيء، ويجرد ضحاياه من القدرة على التفكير المستقل، والقدرة على النقد والحوار الصادق الجريء، فهو يبث من طرف واحد، وصاحب الثروة الكبيرة يستطيع أن يسخر هذا الإعلام لمصلحته أو مصلحة فئته أو حزبه، ولكن هذه النظرة للإعلام والتخوف منه قد تتغير بعد أن استطاع المسلمون الاستفادة من (الإنترنت) وإنشاء المواقع القوية الجيدة، ومن خلال هذه الشبكة يستطيع كل إنسان أن يبدي رأيه أو يحاور الطرف الآخر، وهكذا ظهرت الحوارات الكثيرة عن الإسلام وتعرف الناس في البلاد العربية على أمور كانوا يجهلونها من خلال بعض القنوات الفضائية، وكانت ممنوعة عنهم بسبب الأنظمة الاستبدادية.
٦ - الرجوع إلى التدين وزوال العصر الصناعي: أصاب الغرور كثيراً من علماء أوروبا وفلاسفتها في القرن التاسع عشر، وذلك حين ظنوا أن التقدم العلمي سيحل كل مشاكل الإنسان، واقترن هذا الغرور بالإلحاد والمادية واللأدرية كما نجده عند (فيور باخ) و (ماركس) و (داروين) و (نيتشه). فماركس يعتبر أن الدين له دور سلبي، فهو إلى جانب الرأسمالي الذي يستغل الطبقة العاملة وأن الطبقة الفوقية تستعمل الدين كمخدر تبريري لأعمالها. ولكن العلماء في أواخر القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين عادوا ليطمئنوا من هذا الغرور، عاد عباقرة الرياضيات والفيزياء من أمثال (ماكس بلانك) و (ألبرت آينشتاين) ليقولوا: إن التعبير عن الحقيقة يزداد صعوبة وأن الاحتمال هو أعلى درجات اليقين، وأن العلم أعرج من دون دين، والدين هو الذي يقرب من الحقيقة.