للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصل هذا قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}، [المائدة: ٨]، فمن العدل ذكر ما لهم من صواب، وذلك بحسب المقام والحال، واعتبار المصالح والمفاسد؛ والجمع بين ذكر محاسن المبتدع والتحذير منه غير سائغ في كل مقام، وإفراد المحاسن بالذكر مظنة الاغترار، والاقتصار في جميع الأحوال على التحذير وذكر المثالب بخس وإجحاف، ولكن حسب ما يقتضيه المقام.

ويتمثل هذا العدل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في حديثه عن الباقلاني الأشعري مثلاً حيث يقول: (مع ما كان فيه من الفضائل العظيمة، والمحاسن الكثيرة، والرد على الزنادقة والملحدين، وأهل البدع حتى إنه لم يكن من المنتسبين إلى ابن كُلاَّب والأشعري أجلَّ منه، ولا أحسن كتباً وتصنيفاً) (١).

وقد ألف شيخ الإسلام كتابه العظيم (درء تعارض العقل والنقل) وهو مخصص للرد على الأشاعرة، وعلى رأسهم أبو عبد الله فخر الدين الرزاي، وقد ذكره في (٢٦١) موضعاً لم يصفه فيها بلفظ شائن، ولا عبارة مقذعة، ولا سماه بالمبتدع.

٤ - من كان راداً على المبتدعة فليتحلَّ بالصبر وإلا فلا يشق على نفسه وعلى المسلمين، وليكف عن الناس أذى لسانه وبنانه فهو صدقة منه على نفسه، وليس لأحد عذر في أن يرد على الباطل بالباطل، والبدعة بالبدعة أبداً.

٥ - لا بد من الحرص على دعوة المبتدعة والرغبة في إيصال الحق إليهم.

٦ - الرغبة في مزاحمة المبتدعة في الوصول إلى الناس، وإعطائهم الأمصال الواقية من تلك البدع وإظهار ضعف حجة المبتدع، والطمع في التأثير على أبناء ملته، وأتباعه على بدعته إذ رجوعهم إلى الحق أيسر من رجوعه إليه.

٧ - الحرص على جمع الناس على كلمة سواء، وذلك أن المسلمين مأمورون بالاعتصام بحبل الله، ولا يمكن اجتماعهم على غيره أصلاً، ففي نفي زغل البدعة وأهلها تقدُّمٌ نحو تحقيق هذا المقصد الشرعي العظيم؛ وليكن ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة.


(١) درء تعارض العقل والنقل: ج١/ ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>